عربي

كيف تطوِّر أسلوب القيادة الشخصي؟

في بيئة الأعمال الحالية سريعة الوتيرة والمتغيِّرة باستمرار، يجب أن يكون القادة مجهزين بالمهارات اللازمة للتغلب على التحديات المعقدة، وبناء فرق شاملة، وتحقيق الأداء العالي، فالقيادة مهارة حاسمة للنجاح في أي مجال. ومع ذلك، لا يوجد نهج واحد يناسب الجميع في القيادة.

يتشكَّل الأسلوب الفريد لكل قائد من تجاربه وقيمه وشخصيته، وإنَّ تطوير أسلوب قيادتك الشخصي هو عملية تتطلب الوعي الذاتي والتفكير والرغبة في التعلم والنمو.

لقد كوَّن معظم القادة المشهورين أسلوبهم القيادي الشخصي الذي يميزهم عن الآخرين في مجال تخصصهم، فكان ستيف جوبز (Steve Jobs)، أحد المؤسسين والرئيس التنفيذي السابق لشركة أبل (Apple)، معروفاً بأسلوب قيادته المتطلب والساعي للكمال.

لقد كان صاحب رؤية دفع موظفيه إلى ابتكار منتجات جمعت بين الابتكار والأناقة، ولم يكن من السهل دائماً التعامل مع أسلوب جوبز القيادي، ولكنَّه بأسلوبه هذا صنع أنجح المنتجات في صناعة التكنولوجيا.

تطوير أسلوب القيادة الشخصي باستخدام تقنيات القيادة الظرفية

تتطلب القيادة الظرفية مواءمة أسلوب القيادة بحسب الظرف الحالي، ويعتمد هذا النهج على فكرة أنَّه لا يوجد نهج واحد يناسب الجميع في القيادة، وأنَّه يجب على القادة التحلي بالمرونة والقدرة على التكيف مع احتياجات أعضاء فريقهم.

خطوات تطوير أسلوب القيادة الشخصي

يتطلب تطوير أسلوب قيادة شخصي فعال فهم القائد لذاته وفريقه والمنظمة، فإليك بعض الخطوات اللازمة لتطوير أسلوب قيادي فعال:

  • طلب التغذية الراجعة: التغذية الراجعة ضرورية للنمو وتنمية المهارات القيادية، فاطلب التغذية الراجعة من أعضاء فريقك وزملائك والمنتورز لتفهم نقاط قوتك وضعفك فهماً أفضل.
  • التعلم من الفشل: الفشل جزء لا مفر منه في القيادة؛ لذا بدل أن تشغل بالك بأخطائك، عدَّها فرصاً للتعلم والنمو، وحدد الأخطاء التي وقعت لكي تتفاداها في المستقبل.
  • القدرة على التكيف: يتمتع أفضل القادة بالقدرة على التكيف والتغيير عندما تتغير الظروف، فكن على استعداد لتجربة أساليب جديدة وتعديل أسلوب قيادتك حسب الحاجة.
  • بناء علاقات قوية: على القائد بناء علاقات قوية مع أعضاء فريقه وأصحاب المصلحة؛ لذا تعرَّف إلى أعضاء فريقك وأظهر لهم أنَّك تُقدِّر مساهماتهم.
  • حسن التواصل: حسن التواصل عامل حاسم لنجاح القائد؛ لذا طوِّر مهاراتك في التواصل بممارسة الإصغاء النشط، وإعطاء التغذية الراجعة وتلقيها، وتقديم رسائل واضحة وموجزة.
  • تجسيد قدوة يُحتذى بها: يحدد القائد شكل سلوكات فريقه، فكن قدوة يُحتذى بها بتجسيد السلوكات والقيم التي تريد رؤيتها في أعضاء فريقك.
  • الاستمرار في التعلم والنمو: القيادة رحلة لا وجهة؛ لذا واظب على التعلم والنمو بحضور جلسات التدريب وقراءة الكتب والمقالات عن القيادة، وبخوض تجارب جديدة.
  • فهم احتياجات فريقك: لكل فريق احتياجات فريدة؛ لذا تعرَّف إلى أعضاء فريقك وما يحفزهم، فيساعدك هذا على اكتشاف أنسب أسلوب لقيادة فريقك.
  • مراعاة الثقافة التنظيمية: قد تؤثر ثقافة مؤسستك أيضاً في أسلوب قيادتك؛ لذا فكر في قيم مؤسستك ومعاييرها وتوقعاتها ومدى توافقها مع أسلوب قيادتك.
  • المصداقية: من الضروري أن تكون مرناً وتتكيف مع احتياجات فريقك، ومن الهام أيضاً أن يكون لديك أسلوبك القيادي الخاص، فيساعدك الصدق مع نفسك والتزام قيمك على بناء الثقة والمصداقية مع فريقك.

4 أنماط للقيادة

الخطوة الأولى في تطوير أسلوب القيادة الشخصي هي فهم أنماط القيادة الأربعة التي تشكل جزءاً من نموذج القيادة الظرفية، فهذه الأساليب هي التوجيه والكوتشينغ والدعم والتفويض، ويتناسب كل أسلوب مع مستوى معين من كفاءة أعضاء الفريق والتزامهم.

1. أسلوب القيادة التوجيهي

  • يقدِّم القائد تعليمات محددة ويشرف على أعضاء الفريق من كثب.
  • مفيد لأعضاء الفريق الجدد الذين يتمتعون بمستوى منخفض من الكفاءة والالتزام.

2. أسلوب قيادة الكوتشينغ

  • يقدِّم القائد التوجيه والتغذية الراجعة لمساعدة أعضاء الفريق على تطوير المهارات.
  • مفيد لأعضاء الفريق الذين يتمتعون بمستوى معقول من الكفاءة ولكن التزامهم منخفض.

3. أسلوب القيادة الداعم

  • يقدِّم القائد الدعم ويشجع أعضاء الفريق على تولي المسؤولية.
  • مفيد لأعضاء الفريق ذوي الكفاءة المتوسطة إلى العالية ولكن الالتزام متغير.

4. أسلوب القيادة التفويضي

  • يقدِّم القائد الحد الأدنى من التوجيه ويثق بقدرة أعضاء الفريق على اتخاذ القرارات.
  • مفيد لأعضاء الفريق الذين يتمتعون بمستوى عال من الكفاءة والالتزام.

تطوير أسلوب القيادة

تقييم مستويات الكفاءة والالتزام

بمجرد فهم أنماط القيادة الأربعة، فإنَّ الخطوة التالية هي تقييم كفاءة أعضاء فريقك ومستويات التزامهم، ويساعدك هذا على تحديد أنسب طريقة للتعامل مع كل عضو في الفريق، ويشير مستوى الكفاءة إلى قدرة أعضاء الفريق على أداء مهمة ما، بينما يشير مستوى الالتزام إلى حافزهم وثقتهم في أداء المهمة، وبعد تقييم هذه المستويات، يمكنك تحديد أنسب أسلوب قيادة لكل عضو في الفريق.

على سبيل المثال، إذا كان لديك عضو جديد في الفريق لم يتقن بعد مهمة معينة، فعليك التعامل معه بأسلوب القيادة التوجيهي، وتقديم تعليمات واضحة والإشراف على عمله من كثب، ومن ناحية أخرى، إذا كان لديك عضو في الفريق يتمتع بمهارات عالية ولكنَّه يفتقر إلى الحافز، فعليك استخدام أسلوب القيادة الداعم، وتوفير التشجيع والدعم لمساعدته على استعادة ثقته والتزامه.

التدريب على القيادة الافتراضية الموجَّه ذاتياً

مع ظهور العمل عن بُعد والفرق الموزعة في مختلف أرجاء العالم، يجب على القادة أيضاً أن يتعلموا كيفية التوجيه والإلهام افتراضياً مع الحفاظ على أداء الفريق وتماسكه، وهنا يبرز دور التدريب على القيادة الافتراضية الموجَّه ذاتياً.

يوفر التدريب على القيادة الافتراضية تجارب تعليمية عصرية وسهلة المنال وذات صلة تعكس التحديات التي تواجه قادة اليوم، فهو يساعد القادة على تطوير المهارات اللازمة لبناء فرق شاملة وعالية الأداء وسعيدة، وتعتمد الشركات على اختلافها على التدريب على القيادة الافتراضية لتطوير قادتها.

نصائح لتطوير أسلوبك القيادي الشخصي

1. قيِّم نقاط قوتك وضعفك

الخطوة الأولى في تطوير أسلوبك القيادي هي تقييم نقاط القوة والضعف لديك، فيتطلب هذا التقييم وعياً ذاتياً وتقييماً صادقاً لمهاراتك ومعرفتك وقدراتك، ويمكنك استخدام أدوات متنوعة لتحديد نقاط القوة والضعف لديك، مثل اختبارات الشخصية، والتغذية الراجعة الشاملة، وتمرينات التأمل الذاتي.

بعد تحديد نقاط القوة والضعف لديك، يمكنك استخدام هذه المعلومات لتطوير أسلوب القيادة الذي يعزز نقاط قوتك ويعالج عيوبك، على سبيل المثال، لنفترض أنَّك تجيد التواصل ولكنَّك تحتاج إلى مساعدة في مهام معينة، في هذه الحالة، يمكنك تطوير أسلوب القيادة الذي يركز على التواصل والتعاون مع تفويض بعض المهام للآخرين.

2. حدِّد قيمك ومعتقداتك

تؤدي قيمك ومعتقداتك دوراً هاماً في تشكيل أسلوب قيادتك، إنَّها تحكم قراراتك وطريقة تواصلك وتفاعلك مع الآخرين، ولتطوير أسلوبك القيادي الشخصي، عليك تحديد قيمك ومعتقداتك ومواءمتها مع أهدافك القيادية.

على سبيل المثال، إذا كنت تقدِّر الصراحة والتعاون في حياتك الشخصية، فعليك مواءمة هذه القيم مع أهدافك القيادية بممارسة نشاطات التواصل المفتوح وبناء الفريق في بيئة عملك، وقد يساعد ذلك على توفير ثقافة الثقة والتعاون بين أعضاء فريقك.

إحدى الطرائق لتحديد قيمك ومعتقداتك هي التفكير في تجاربك السابقة والدروس التي تعلمتها، ويمكنك أيضاً طلب التغذية الراجعة من الآخرين لتعرف كيف يرى الآخرون قيمك ومعتقداتك وبعد تحديد قيمك ومعتقداتك، يمكنك استخدامها لتوجيه عملية صنع القرار والتواصل بصفتك قائداً.

3. تعلَّم من القادة الآخرين

لا أحد يصبح قائداً ناجحاً من العدم، لتطوير أسلوبك القيادي، يجب أن تتعلم من القادة الآخرين الذين سبقوك، ويتطلب هذا التعلم الرغبة في البحث عن منتورز، وقراءة الكتب والمقالات عن القيادة، وحضور برامج تنمية المهارات القيادية.

عند التعلم من القادة الآخرين، يجب أن تكون مستعداً لتجربة أشياء جديدة، ليس عليك أن تتبنى كل جانب من جوانب أسلوب القائد، ولكن يمكنك التعلم من نجاحاته وإخفاقاته وتطبيق تلك الدروس على أسلوبك القيادي.

4. واظب على التدريب

يعدُّ تطوير أسلوب قيادتك الشخصي عملية مستمرة تتطلب التدريب وبناء مهاراتك وقدراتك بمرور الوقت، وتتطلب القيادة التزام التعلم المستمر والتحسين.

في الختام

يمكنك بناء مهاراتك القيادية بالبحث عن فرص للقيادة، على سبيل المثال، التطوُّع للقيام بمهام في مكان عملك أو الانضمام إلى مجالس إدارة المنظمات غير الربحية القريبة منك، ويمكنك أيضاً قيادة مشروع، مثل تنظيم نزهة للشركة أو التخطيط لإطلاق فعالية في المنظمة التي تطوعت فيها، فحاول تجربة أساليب مختلفة مع مراعاة احتياجات فريقك؛ مع مرور الوقت، سوف تكوِّن أسلوبك القيادي الخاص.

The last articles

Be up to date with the latest news

Subscribe now to get the latest articles, research, and products that make you stronger than ever