لقد تحدَّثنا في الجزء الأول عن تعريف القيادة ومهاراتها والفرق بينها وبين المهارات الإدارية، وسنتحدَّث في هذا الجزء الثاني والأخير عن أهميتها وخطوات تحسينها وكيفية إبرازها.
ما أهمية المهارات القيادية في مكان العمل؟
في أي بيئة عمل، من الضروري وجود قائد يتولى المسؤولية ويقدم التوجيه عند الحاجة، والقائد الذي يتمتع بمهارات قيادية قوية قادر على إنشاء بيئة عمل أكثر إنتاجية وإيجابية، وهذا يؤدي إلى نتائج أفضل للشركة على الأمد الطويل.
المشكلات المعاصرة التي تواجه القادة
على خلاف المناصب الأخرى، يواجه القادة مهمة شاقة تتمثل في إدارة وقتهم الخاص وإدارة أشخاص آخرين، ففي عالم الأعمال اليوم سريع الخطا والمتغير باستمرار، أصبح هذا الأمر أصعب من أي وقت مضى.
يتعين على القادة أن يتعاملوا مع المشكلات المعاصرة التي تتراوح بين عولمة الاقتصاد والاستخدام المتزايد للتكنولوجيا، فمع العولمة الاقتصادية، تعمل الشركات في سوق أكبر؛ وهذا يعني زيادة المنافسة وحاجة المنظمات للتكيف مع تغيرات السوق المحلية والدولية.
أجبرت الجائحة العديد من المؤسسات على إعادة التفكير في طريقة عملها، مع تحول العديد من الشركات إلى نماذج العمل الهجين، فانقسم العديد من الموظفين بين العمل من المنزل وفي المكتب، فصار من الصعب إبقاء الفرق البعيدة على اتصال وإدماجها.
قد تؤدي الاضطرابات السياسية إلى مواجهة الشركات لبعض التحديات أيضاً، إذ إنَّ عدم الاستقرار يؤدي إلى عدم اليقين في الاتفاقيات التجارية، وهذا يُصعِّب على المنظمات التخطيط للمستقبل وقد يصعِّب التحديات التي تتعلق بالتمويل والاستثمار. من خلال فهم هذه التحديات، يستطيع القادة وضع منظماتهم على طريق النجاح.
كلمة عن القيادة ومتلازمة المحتال
في بعض الأحيان يحصل الأشخاص على وظيفة تتطلب منهم قيادة مجموعة صغيرة، ولكنَّهم يشعرون أنَّهم لا يتمتعون بالمهارات القيادية المناسبة، تماماً مثل عدم امتلاك المعرفة الصحيحة للقيام بعمل جيد، ويرتبط كل هذا بمتلازمة المحتال.
تحدث متلازمة المحتال عندما يشعر شخص ما بأنَّه لا ينتمي إلى منصبه الوظيفي لأنَّه يظن أنَّه لا يتمتع بالمستوى المناسب من الخبرة أو المهارات، وهي شعور داخلي بعدم الكفاءة، ويحدث هذا للكثير منا في مرحلة ما من حياتنا المهنية.
6 خطوات لتحسين مهاراتك القيادية
إليك 6 خطوات تساعدك على أن تصبح قائداً أفضل:
1. تحديد نقاط القوة والضعف لديك
هذا ليس بالأمر السهل دائماً؛ لأنَّنا قد لا نرى جميع نقاط القوة والضعف لدينا، ومع ذلك، من المفيد فهم هذه الأمور حتى تتمكن من تنمية إمكاناتك.
للبدء، اكتب قائمة بنقاط قوتك وضعفك، ولكن كن دقيقاً قدر الإمكان، ويُستحسن أن تطلب تغذية راجعة من الآخرين لرسم صورة أدق، لأنَّه ليس من السهل أن تكون موضوعياً عند تقييم نفسك.
فكر في الاحتفاظ بمذكرة لتتبع نجاحاتك وإخفاقاتك مع مرور الوقت، فمن خلال إجراء التقييم بانتظام، ستفهم نفسك فهماً أفضل وتتعلم كيفية تحقيق أقصى استفادة من مواهبك.
2. الالتحاق بدورات في الإدارة والقيادة
إحدى أفضل الطرائق لتحسين مهاراتك القيادية هي الالتحاق بدورات عبر الإنترنت توفر لك المعرفة والمهارات اللازمة لتكون قائداً فعالاً، وتساعدك الدورات التدريبية أيضاً على التواصل مع محترفين آخرين.
3. تطوير المهارات الصلبة
ليس سراً أنَّ المهارات التقنية أصبحت أكثر أهمية؛ لذلك، من الضروري أن يكون لدى القادة فهم قوي للمهارات المتعلقة بمجال عملهم، وتشمل الأمثلة عن المهارات الصلبة الهامة التحليل المالي، وإدارة المشاريع، وإدارة العقود، رغم أنَّ ذلك يمكن أن يختلف بشكل كبير حسب المجال الذي تعمل فيه، وإذا لم تكن متأكداً من المهارات الصلبة المناسبة لمجال عملك، فاسأل مديرك أو المنتور للحصول على إرشادات.
4. الاستعانة بمنتور
يزودك المنتور بالتوجيه والدعم والمشورة عندما تكون في أمس الحاجة إليها، ويساعدك أيضاً على فهم نفسك وأهدافك فهماً أفضل، فعند اختيار منتور، ابحث عن شخص يتمتع بالخبرة والاحترام بصفتك قائداً، فسوف تتعلم أكثر عندما تتخذه قدوة لك، وتأكد من اختيار منتور صادق يقدم لك تغذية راجعة بنَّاءة.
قد يكون منتورك أستاذاً يلهمك، أو مديراً يشجعك دائماً على تحسين أدائك، أو حتى رب عمل تعرفه جيداً، ومن الهام أيضاً اختيار شخص تشعر بالراحة معه نظراً لأنَّكما ستقضيان كثيراً من الوقت معاً لبناء علاقة قائمة على الثقة، وبمجرد العثور على منتور، التقِ به بانتظام، وكن مستعداً للإصغاء إليه والتعلم منه.
5. تحديد الأهداف
بصفتك قائداً، من الهام أن تكون لديك رؤية واضحة لفريقك، ودون ذلك، قد يكون من الصعب اتخاذ القرارات وتقديم التوجيه، ولتحديد أهدافك، فكر فيما تريد تحقيقه على الأمدين القصير والطويل، وبعد ذلك، ضع خطة تفصيلية من خلال تحديد أهداف محددة وقابلة للقياس وقابلة للتحقيق وذات صلة ومؤطرة زمنياً.
من الهام أيضاً أن تضع فريقك في الحسبان عند تحديد الأهداف، ويجب أن تتوافق أهدافك مع مهارات فريقك وقدراته، والاستراتيجية العامة لمؤسستك، وبمجرد اتخاذ قرار بشأن أهدافك أو استراتيجيتك، يجب أن تُخبر فريقك بذلك، فمن خلال مشاركة رؤيتك، يمكنك إلهامهم وتحفيزهم على العمل لتحقيق هدف مشترك، فيضمن التواصل الواضح اتفاق الجميع وعملهم على تحقيق نفس الأهداف.
6. الاعتراف بالفشل
يرتكب الجميع أخطاء، وبصفتك قائداً، من الضروري أن تعترف بفشلك وأن تتعلم منه، فيُظهر هذا لفريقك أنَّك إنسان ومستعد للتعلم من أخطائك، وإذا كنت على استعداد لقبول المسؤولية، فهذا يبني الثقة والمصداقية مع فريقك.
استخدم إخفاقاتك بوصفها فرصاً للتحسين، ومن خلال التأمل في أخطائك، ستحدد المجالات التي تحتاج إلى تحسين وتعدل استراتيجيتك، وتؤدي مشاركة ما تعلمته مع فريقك إلى إنشاء ثقافة التعلم والنمو.
كيف تُبرز مهاراتك القيادية؟
إذا كنت تتنافس للحصول على منصب إداري رفيع، فإنَّ أولئك الذين يقررون من سيحصل على الترقية سوف يراقبون مهاراتك القيادية لمعرفة ما إذا كنت تمتلك المهارات المطلوبة، ولكن كيف يمكنك إظهار مهاراتك القيادية دون أن تكون في منصب قيادي؟ ففي نهاية المطاف، من غير اللائق توجيه الأوامر إلى زملائك الذين يعملون معك.
في الواقع، أنت لست مضطراً إلى ذلك، فقد يتعين على القادة إعطاء تعليمات لأعضاء الفريق، ولكن هذا ليس سوى جزء صغير من وظيفتهم، فيمكنك التركيز على عرض المهارات القيادية الرئيسة الأخرى التي من شأنها أن تساعد الآخرين، مثل:
- عرض المساعدة على زميل يواجه مشكلة.
- تقديم الدعم والتشجيع.
- الإشادة بالأداء الجيد للموظفين.
- إعطاء الفضل للآخرين.
- التعاطف مع الأشخاص الذين يتولون مهاماً صعبة.
- حسن التواصل.
- رفع معنويات الفريق في الأوقات الصعبة.
ليس عليك التجول في المكتب لحل النزاعات وفرض شخصيتك، وفي النهاية، معظم هذه العناصر تعني أنَّك زميل مفيد يمكن الاعتماد عليه.
عندما يحين موعد المقابلة، سيكون لديك الكثير من الأمثلة على مهاراتك القيادية التي يمكنك استخدامها، وقد رأى بعضها الأشخاص الذين سيجرون معك المقابلة بشكل مباشر.
في الختام
القيادة موضوع معقَّد، فمن تحديد الأهداف إلى الاعتراف بالفشل، هناك العديد من الطرائق لتحسين مهاراتك القيادية، ومن الضروري أن تعلم أنَّه لا يوجد نهج واحد يناسب الجميع في القيادة؛ إنَّها عملية تطوير ذاتي تتطلَّب الاستبطان والوقت والالتزام.