أسلوب قيادة عدم التدخل: تعريفه، ومحاسنه، وسلبياته

يعدُّ أسلوب قيادة عدم التدخل (Laissez-Faire Leadership)، والمعروف أيضاً بالقيادة التفويضية أحد أنواع الأساليب القيادية الذي يسمح فيه القائد لأعضاء الفريق باتخاذ القرارات، ولكنَّ الباحثين كشفوا أنَّه يؤدي إلى انخفاض إنتاجية أعضاء الفريق.

لهذا الأسلوب القيادي محاسن ومساوئ، وثمة ظروف وحالات يكون فيها الخيار الأمثل؛ إذ تزيد فعالية هذا الأسلوب عندما يتابع القائد أداء أعضاء الفريق، ويقدِّم التغذية الراجعة دورياً، كما يجب أن يدرك الحالات التي يصلح فيها استخدام هذا الأسلوب، مثل امتلاك أعضاء الفريق للمهارات والخبرة اللازمة لتسيير العمل دون العودة إلى القائد.

خصائص أسلوب عدم التدخل في القيادة

• لا يتدخل القائد بعمل الفريق.
• يتولى القائد مسؤولية تدريب الموظفين ودعمهم.
• يمتلك أعضاء الفريق الصلاحية الكاملة لاتخاذ القرارات.
• تُقبُّل الأخطاء .
• يتحمل القائد مسؤولية القرارات التي تُتَّخذ.

يقدِّم عدد من القادة الذين يتَّبعون هذا الأسلوب الدعم والتغذية الراجعة لأعضاء الفريق على الرغم من أنَّه ينطوي على عدم تدخلهم تماماً، فيقدِّمون التوجيه في بداية المشروعات، ثم يتركون حرية التصرف لأعضاء الفريق دون الإشراف عليهم.

يتطلب هذا النهج من القيادة الثقة بأنَّ أعضاء الفريق يمتلكون المهارات والمعرفة والقدرة على إكمال المشروع دون الحاجة إلى التدخل في تفاصيل عملهم.

أمثلة عن أسلوب عدم التدخل

• التعليم: يراقب المعلم الطلاب فقط، كما يُلاحَظ غياب التوقعات والانضباط في الصف.
• العمل: يسمح القادة والمشرفون للموظفين باتخاذ القرارات، وربما بوضع المواعيد النهائية التي تناسبهم، ولا يقدم القائد كثيراً من التغذية الراجعة.
• الحكومة: يترك الزعيم السياسي الذي ينتهج أسلوب عدم التدخل مهمة اتخاذ القرارات للمرؤوسين، ويقدِّم القليل من التوجيه.
• التشجيع على تحقيق التنمية الشخصية: نظراً لأنَّ القادة يتركون لأعضاء الفريق حرية التصرف، فهذه فرصة لهم ليتولوا المسؤولية، ويحققوا النمو والتطور.
• التشجيع على الابتكار: تعزز الحرية التي يمنحها القادة للموظفين الإبداع والابتكار.
• السرعة في اتخاذ القرارات: يتمتع الموظفون في ظل غياب الإدارة التفصيلية بحرية اتخاذ قرارات سريعة دون الحاجة إلى انتظار موافقة القائد لوقت طويل.

فوائد انتهاج أسلوب عدم التدخل في القيادة

ينجح هذا الأسلوب القيادي إذا امتلكَ أعضاء الفريق المهارات والخبرة اللازمة للعمل بمفردهم، وأنجزوا المهام دون توجيه، كما أثبت هذا النهج فعاليته في الحالات التي يكون فيها أعضاء الفريق أكثر خبرة من القائد.

تؤدي هذه الاستقلالية إلى شعور أعضاء الفريق بالرضى عن عملهم، فينفع استخدام أسلوب عدم التدخل في المواقف التي يتمتع فيها الموظفون بمستوى عالٍ من الدافع الداخلي والشغف تجاه عملهم.

سلبيات انتهاج عدم التدخل في القيادة

لا يفيد هذا الأسلوب في المواقف التي يفتقر فيها أعضاء الفريق إلى المعرفة أو الخبرة اللازمة لإكمال المهام واتخاذ القرارات، مما قد يُضعِف الأداء ويُخفِّض الرضى الوظيفي.

تتضمن سلبيات أسلوب عدم التدخل في القيادة ما يأتي:

• عدم فهم الموظفين لمسؤولياتهم: لا يقدِّم القائد الذي ينتهج أسلوب عدم التدخل التوجيه لأعضاء الفريق، بالتالي قد لا يفهمون مسؤولياتهم، والمهام التي من المفترض أن يؤدوها.
• عدم تفاعل القادة مع الفريق: قد يوصَف القائد الذي يتبنى سياسة عدم التدخل بالانعزال أو قلة الاهتمام، وهو انطباع قد يُضعِف تماسك الفريق، ويقلل دوافعه، فحين يُظهِر القائد عدم اكتراثه بما يجري، يتسرَّب هذا الإحساس إلى الموظفين، ويؤدي إلى استهتارهم بالعمل والمشروعات الموكَلة إليهم.
• غياب المساءلة: يستغل بعض القادة هذا الأسلوب للتنصل من مسؤولية فشل الفريق، فتراهم يلقون اللوم على الأعضاء لعدم إكمال المهام أو تلبية التوقعات حين لا تتحقق الأهداف.
• غياب اهتمام القادة بالموظفين: يمتنع القادة في أسوأ الحالات عن إبداء أدنى اهتمام بأعضاء الفريق، فلا يحفزونهم، ولا يقدِّرون جهودهم، ولا يتفاعلون معهم أصلاً.

إذا كانت إجراءات العمل جديدة على الموظفين، يجب على القادة التدخل وتقديم التوجيه والدعم اللازم، وعند اكتساب الفريق لمزيد من الخبرة، يستطيع القادة منحهم حرية أكبر في العمل.

مكامن قوة القادة الذين ينتهجون سياسة عدم التدخل

• في المجالات الإبداعية: ينجح هذا الأسلوب القيادي في المجالات الإبداعية التي يمتلك العاملون فيها المهارات والإبداع والشغف للعمل.
• عند العمل مع فِرق تدير نفسها: يقدِّم القادة الذين يتبنَّون سياسة عدم التدخل المعلومات في بداية المشروعات، وهو ما يفيد الفِرق التي تتبع الإدارة الذاتية.
• خلال المراحل الأولى من المشروعات: يُنجِز أعضاء الفريق المهام وفقاً للتوجيهات التي يقدِّمها القائد في بداية المشروعات.

ينجح أسلوب عدم التدخل في مجال تصميم المنتجات؛ لأنَّ أعضاء الفريق مدرَّبون ومبدعون، ولا يحتاجون إلى الإدارة المباشرة؛ إذ يستطيع القائد تحقيق نتائج إيجابية مع تقديم الحد الأدنى من الإشراف والتوجيه للأعضاء.

الحالات التي تتطلب تجنُّب استخدام أسلوب عدم التدخل في القيادة

يُنصَح بتنويع الأساليب القيادية خلال مراحل العمل، حتى في المواقف التي قد يكون فيها أسلوب عدم التدخل مفيداً.

يُعدُّ أسلوب عدم التدخل فعالاً خلال المراحل الأولى من المشروعات التي يتبادل فيها أعضاء الفريق الأفكار، ولكن يُفضَّل اتباع أسلوب آخر يقدِّم فيه القائد الإشراف والتوجيه بعد أن يصبح التصميم جاهزاً للإنتاج.

لا يصلح استخدام أسلوب عدم التدخل في:

• الحالات التي تكون فيها الأولوية للكفاءة والإنتاجية العالية: لا يجيد بعض الموظفين تحديد المواعيد النهائية، وإدارة المشروعات، وحل المشكلات بأنفسهم، فقد تخرج المشروعات عن مسارها الصحيح، وقد تُتجاوَز المواعيد النهائية حين لا يحصل أعضاء الفريق على توجيهات أو ملاحظات كافية من القادة.
• الحالات التي تتطلب الإشراف والدقة والاهتمام بالتفاصيل: يفضَّل اعتماد أسلوب قيادي استبدادي أو إداري في مجالات العمل التي تتطلب الاهتمام بأدق التفاصيل، وإنجاز المهام في الوقت المناسب.
• الحالات التي لا يجيد فيها الموظفون وضع المواعيد النهائية أو إدارة المشروعات: يؤدي تبنِّي نهج عدم التدخل في هذه الحالة إلى تفويت المواعيد النهائية وضعف الأداء، لا سيما إذا كان أعضاء الفريق لا يمتلكون المهارات اللازمة لأداء المهام دون توجيهات القائد.

استراتيجيات لاستخدام سياسة عدم التدخل في القيادة

• التحقق من أداء أعضاء الفريق.
• تقديم التغذية الراجعة المفيدة دورياً.
• تقديم الحوافز لتعزيز دوافع الموظفين.
• التأكد من أنَّ أعضاء الفريق يعرفون تماماً طبيعة أدوارهم.
• التأكد من أنَّ الأعضاء يمتلكون المعرفة والخبرة اللازمة للعمل على المشروع أو المهمة.

في الختام

أثبتَ أسلوب عدم التدخل في القيادة فعاليته في مجموعة متنوعة من الحالات؛ إذ يجب التفكير بعناية في طبيعة المواقف وبيئات العمل التي قد ينجح فيها هذا الأسلوب، فإذا كان الفريق بحاجة إلى مزيد من الإشراف أو التوجيه، ربما من الأفضل اعتماد نهج آخر مناسب أكثر.