يعتمد الرؤساء التنفيذيون والمديرون وغيرهم من أصحاب المناصب القيادية على نموذج أو إطار عمل لتوجيه عمليات اتخاذ القرار؛ إذ يضمن الأسلوب الواضح والمتسق حصول الموظفين على الدعم الذي يحتاجون إليه في العمل، مثل الأسلوب الذي يعتمد على نظرية القيادة الوظيفية.
يشرح هذا المقال نموذج القيادة الوظيفية، ومكوناته الرئيسة، ومزاياه، كما يستعرض الخطوات اللازمة لتنفيذ أسلوب القيادة الوظيفية.
تعريف نموذج القيادة الوظيفية
أسلوب قيادي يحدد الأفعال والسلوكات التي تؤسس قيادة فعالة ومشاركة هذه المعلومات مع جميع المعنيين بدلاً من تمكين شخص واحد فقط للقيادة، ونموذج القيادة الوظيفية نظري إلى حدٍّ كبير، إلَّا أنَّه يُعَد أيضاً نهجاً عملياً تستخدمه الشركات لتطوير المهارات القيادية للموظفين، وذلك لزيادة استقلاليتهم، وإنتاجيتهم، ومساهمتهم في العمل.
المكونات الرئيسة لأسلوب القيادة الوظيفية
تمكِّن القيادة الوظيفية جميع المعنيين بدلاً من التركيز على قائد واحد؛ لذا فإنَّها تتكون من مجموعة محددة من المكونات لمساعدة الفرق على إنشاء هذا النموذج:
1. تحديد الاحتياجات الأساسية
يلبِّي المبدأ التوجيهي للقيادة الوظيفية النموذج لثلاث احتياجات محددة:
- احتياجات المهمة.
- احتياجات المجموعة.
- احتياجات كل فرد.
يجب على القائد وأعضاء المجموعة تحديد احتياجات كلٍّ من هذه المجموعات بوضوح قبل البدء في العمل على مهمة أو مشروع، وذلك لضمان تلبيتها وتوفيرها، ويضمن هذا بالنهاية النجاح وتحقيق الأهداف.
2. التركيز على الأفعال
يعدُّ كل فرد في الفريق قائداً في إطار نموذج القيادة الوظيفية، وقد يكون هناك شخص واحد مكلَّف بتنظيم وإدارة المجموعة، ولكن لكل شخص في الفريق مهام ومسؤوليات محددة تساهم في النجاح النهائي؛ أي يركز نموذج القيادة الوظيفية كثيراً على أفعال كل عضو في المجموعة، بدلاً من سلوك القائد الواحد.
3. موَجَّهة بالأهداف
ينجح القائد والمجموعة عند إنجاز المشروع وتحقيق الهدف الموضوع، وتهتم المنظمات التي تعتمد نمط القيادة الوظيفية بالنتيجة النهائية أكثر من الأفعال الفردية لقائد المجموعة.
4. المرونة
يعلن المدير أو المشرف عن المشروع أو المهمة، ولكن سرعان ما تتوزع المسؤوليات القيادية على الموظفين المشاركين وفق إطار عمل يحقق الأهداف المرجوَّة من المشروع. ويعدُّ مصطلح "قائد" مرناً بموجب هذا النموذج؛ إذ يتولى جميع المشاركين بعض المسؤوليات القيادية.
5. توضيح المسؤوليات
يُعَد تحديد احتياجات المهمة، والمجموعة، والأفراد جانباً أساسياً من القيادة الوظيفية؛ لذا فإنَّ جميع المعنيين لديهم واجبات واضحة ومحددة، ويجب أن يعرف جميع المشاركين مهامهم بدقة، وأن يكون لديهم الموارد والأدوات المناسبة لإنجازها بموجب هذا النموذج.
6. التنظيم
يصبح المشروع غالباً ذا طابع مستقل للغاية بمجرد مناقشة جميع الاحتياجات والمهام مناقشة صحيحة وتوزيعها؛ لذا فإنَّ التنظيم والترتيب الواضحَين، هما أمران حيويان للنجاح، ويضمن القادة الوظيفيون وجود سجلٍّ بالمهام والاحتياجات المخصصة، ليتمكن الفريق من تقييم نجاحهم في نهاية المشروع.
7. التحفيز
يفوِّض القائد الوظيفي معظم واجباته القيادية التقليدية لأعضاء فريقه خلال فترة تكليفه، ولكنَّ إحدى واجباته الأساسية هي التأكد من أنَّ جميع أعضاء الفريق، متحفزون ومخوَّلون لإكمال مهامهم المخصصة بنجاح.
8. الإدارة
يجب أن يعرف القائد الوظيفي بالضبط عند تحديد الاحتياجات في بداية المشروع ما هي الموارد والأدوات التي يحتاج إليها أعضاء فريقه حتى يحققوا النجاح، ويوفروا الوقت، والمال، والطاقة على مستوى المنظمة.
9. السلوكات النموذجية
يجب على القائد الوظيفي أيضاً تحديد نموذج السلوك المناسب خلال فترة العمل، والالتزام بتأدية المهام الموكلة إليه، والتفاعل مع أعضاء الفريق تفاعُلاً إيجابياً ومهنياً، والتواصل بوضوح وشفافية في كل فرصة ممكنة.
10. نهج توجيهي
يتولى القائد الوظيفي مسؤولية الإشراف والتوجيه بالرغم من أنَّ أعضاء الفريق يعملون باستقلالية إلى حد كبير، ويجب أن يتابع القائد أعضاء فريقه، ليضمن التزامهم بإنجاز المهام الموكلة إليهم في المواعيد المحددة.
مزايا القيادة الوظيفية
يتمتع نموذج القيادة الوظيفية بعددٍ من المزايا التي تفيد المنظمات والفِرَق التي تختار تنفيذه، ويُذكَر من أمثلتها ما يأتي:
- توزيع المسؤوليات القيادية: تحصر نماذج القيادة التقليدية السلطة في يد المشرف على الفريق، ولكن يتيح النموذج الوظيفي لكل عضو في الفريق فرصة تحمُّل بعض المسؤوليات القيادية.
- تعزيز تماسك الفريق: يسعى نموذج القيادة الوظيفية إلى تعزيز تماسك الفريق من خلال تحديد احتياجات الفريق وتوزيع المهام بالتساوي.
- نمذجة السلوك المطلوب من الموظفين: يعرف جميع أعضاء الفريق كيف يبدو السلوك العملي المناسب استناداً إلى نموذج سلوك المشرف.
- تمكين الأفراد: يمكِّن نموذج القيادة الوظيفية كل عضو في الفريق للعمل باستقلالية وتطوير قدراته.
- تطوير المهارات: يحصل جميع أعضاء الفريق على فرصة لتطوير مهارات القيادة، حتى لو لم يكونوا القائد الرسمي للفريق.
كيفية اتباع نموذج القيادة الوظيفية بفعالية
تضمن الخطوات المذكورة أدناه الاستفادة القصوى من نموذج القيادة الوظيفية وتحقيق أهدافك التنظيمية والشخصية:
1. مراجعة المهمة
راجِعْ المهمة بوصفك قائداً أولاً ثم مع المجموعة ككل، وساعِدْ جميع المعنيين على فهم الأهداف والإجراءات اللازمة لتحقيقها، وحدِّد المهام العامة والواجبات التي سيحتاج الفريق إلى إكمالها من أجل تحقيق الهدف.
2. توزيع الواجبات
وزِّع المهام والواجبات الفردية على كل عضو في الفريق، وأجِب عن أية أسئلة قد تكون لديهم حول المواعيد النهائية، أو تفاصيل المهام أو المشروع عموماً، وتأكَّد أنَّ كل عضو في الفريق، يفهم المطلوب منه بوضوح.
3. تحديد الاحتياجات
حدِّدْ احتياجات المجموعة من أجل تحقيق الهدف النهائي، بما في ذلك الاحتياجات العامة للمنظمة، واحتياجات الفريق العامة واحتياجات كل فرد بناءً على واجباته ومهامه المخصصة، وأنشِئ قائمة بأية موارد أو أدوات ستحتاج إلى توفيرها لفريقك.
4. التحفيز
حافِظ على معنويات فريقك وإنتاجيته عالية من خلال تقديم التحفيز المناسب لهم، وتأكَّد من أنَّ جميع أعضاء الفريق لديهم الأدوات اللازمة لإكمال مهامهم مع منحهم المساحة والاستقلالية للعمل كما يريدون.
5. نمذجة السلوكات المطلوبة
يوجد لدى القائد الوظيفي مهاماً ومسؤوليات عليه الاهتمام بها؛ لذا كن نموذجاً للسلوكات وأخلاقيات العمل التي تطالب بها موظفيك من خلال الالتزام بالتركيز، والانتباه، والتفاعل خلال العمل.
6. التواصل المنتظم
اجعَل التواصل المنتظم مع فريقك عادةً روتينية للتأكد من أنَّهم على المسار الصحيح لتلبية المواعيد النهائية ولديهم جميع الموارد التي يحتاجون إليها، وحاول أن تكون هذه التفاعلات قصيرة واسمح لأعضاء الفريق بالعمل باستقلالية.
7. تقييم النتائج
اعقد اجتماعاً للفريق بأكمله بمجرد أن يكمل الجميع مهامهم ويكتمل المشروع، لمناقشة ما الذي نجح وما يمكن أن يفعله الفريق لتطوير سير العمل والنجاح العام في المستقبل.
في الختام
يُعَد نموذج القيادة الوظيفية أداةً قويةً تعزز من تماسك الفريق وكفاءة العمل من خلال توزيع المسؤوليات بالتساوي وتمكين الأفراد من تولِّي أدوار قيادية. باتباع هذا النهج، تحقق المنظمات أهدافها بفعالية وتحفز الموظفين على تحقيق مزيد من النجاح والإبداع.