عربي

المشرف والمدير والقائد: تحليل الأدوار والمسؤوليات

إنّ نجاح أو فشل أي مشروع مرهون بنوع وفعالية القيادة المتبعة، وقد يؤدي الافتقار للقيادة المناسبة إلى انخفاض الأرباح، وتعطُّل سير العمل اليومي، وفرض صعوبات إضافية على أعضاء الفريق، وقد تفشل المنظمات نتيجةً لكل ذلك في إيجاد رؤية واحدة موحدة.

بالرغم من أنَّ هذه أسوأ الاحتمالات، إلّا أنَّها واقع يُعاش في عديدٍ من الشركات الناشئة وحتى الشركات القائمة. لا ينتج هذا الفشل بالضرورة عن اللامبالاة أو عدم الاهتمام، بل قد يكون نتيجة التفسير الخاطئ والخلط بين بعض المفاهيم، مثل: المشرف والمدير والقائد.

تُستخدم هذه الكلمات غالباً بالتناوب وبطريقة مترادفة، ولكنَّ عدم فهم الفروق الرئيسة بين هذه الألقاب الوظيفية يؤدي إلى سوء الفهم وخلط الواجبات والمسؤوليات، وربما الفشل في النهاية.

لذلك يناقش هذا المقال السمات المميزة لكل منصب، وما تشمله واجباته الوظيفية، وأهمية فهم الاختلافات بين هذه المناصب لتحقق النجاح المهني.

المقارنة بين المشرف، والمدير، والقائد

سنناقش أولاً الفروقات الأساسية قبل تحليل التفاصيل الدقيقة. تستخدم بعض الشركات هذه المصطلحات بالتبادل. في ما يلي، أهم الاختلافات الرئيسة:

المقارنة بين المشرف والمدير

يختلف المشرف عن المدير بوضوح، على الرغم من استخدام اللقبين في نفس السياق ضمن المحادثات العادية. سنصف الفروق الرئيسة بينهما وصفاً مفصلاً، ولكن لتمييز الفرق فوراً:

الإجابة السريعة: يركز المشرف على "الكيفية"، بينما يركز المدير على "الماهية".

من هو المشرف؟

المشرف والمدير ليسا مصطلحين متطابقين على الرغم من الارتباط الوثيق بينهما واستخدامهما في نفس السياق ضمن بعض الشركات. المشرف هو الشخص الذي يشرف على فريق، أو أداء الموظفين، أو مشروع معيَّن، أي إنه يشرف عامةً على المهام والعمليات اليومية.

لا تعد بعض الهياكل التنظيمية المشرف منصباً قيادياً، بل منصباً غير إدارياً على مستوى عالٍ. أو قد يكون منصب إدارة مبتدئ ويعمل فيه الشخص بنفس ساعات عمل مرؤوسيه، بالإضافة إلى أداء نفس المهام أحياناَ.

يُشار إلى المشرف غالباً كقائد فريق نظراً لمفهوم العمل بنفس الساعات وأداء بعض المهام نفسها، أي شخص يكون دائماً حاضراً وعلى أهبة الاستعداد مع مرؤوسيه.

من هو المدير؟

يركز المدير غالباً على الإنجاز، وقد يؤدي المهام الإشرافية، إلا أنَّ دوره يشمل أكثر من ذلك بكثير إذ يدير جوانب أخرى من العمل تتجاوز الموظفين أو الموارد البشرية. باختصار، يشمل دور المدير أكثر من مجرد الإشراف على عمل الآخرين.

يركز المدير على الصورة الكبيرة ويحقق أو يتجاوز الأهداف والمهام التنظيمية، ويقرر أولويات المهمة الحالية ويضع أهدافاً وممارسات لتحقيقها، بما في ذلك تحديد مسؤوليات المشرف. لا يتفاعل المديرون مع الموظفين بانتظام، بل يعملون مع فريق إداري ويعتمدون على المشرفين لضمان إكمال المشروع.

قد يؤدي المدير نفس مهام المشرف، إلا أنَّ هذه ليست الحالة العامة. يعتمد ذلك على المشروع، وهذا هو سبب الخلط بين المفهومين.

مسؤوليات المدير

مثال واقعي عن المقارنة بين المشرف والمدير

وضعت مدينة سان فرانسيسكو الأوصاف الوظيفية أدناه لتوضيح الفرق بين المشرف والمدير:

  • المدير: فرد يعمل في منصب إداري رفيع المستوى يؤثر في السياسات، كما يخطط، وينظم، ويوظف، ويقود، ويوزع الأدوار، والموارد بغية تحقيق الأهداف التنظيمية.
  • المشرف: فرد لديه السلطة ويمارس الحكم المستقل لتقديم توصيات فعالة بشأن التوظيف، أو الترقية، أو العقوبة، أو إسناد المهام، أو المكافأة، أو معالجة شكاوى الموظفين الآخرين. لا يوظف المشرفون الموظفين أو يعاقبونهم مباشرةً وفقاً لقواعد الخدمة المدنية (Civil Service Rules)، بل يوصون باتخاذ إجراء ما إلى سلطة أعلى.

قد لا يكون هذا صحيحاً دائماً، ولكنَّه يعطي فكرة عامة مساعدة لتمييز الفرق بين المشرف والمدير والقائد.

المقارنة بين المدير والقائد

تشمل مهام القائد نطاقاً أوسع من مهام المدير، وقد يتولى القائد نفس الأدوار الإدارية للمدير، ولكنه يمتلك مهارات وسمات قيادية، وقد تكون لديه مهام وظيفية أكثر من المدير أو المشرف.

تعدُ بعض الشركات القادة جزء من الإدارة العليا، ويمكن إطلاق لقب القائد على الرئيس التنفيذي، أو نائب الرئيس، أو رئيس مجلس الإدارة على سبيل المثال. يضع القائد رؤية المؤسسة ويسعى إلى تنفيذ سياسات وممارسات تضمن تحقيق هذه الرؤى، من خلال:

  • الالتزام برسالة المؤسسة.
  • تبسيط المهام.
  • الحفاظ على ميزة تنافسية.
  • الرد على أصحاب المصلحة الرئيسين.

قد تعرّف بعض المنظمات القائد تعريفاً أكثر مرونةً، إذ قد لا يمتلك دور وظيفي معين أو لقب إداري رفيع. تتضمن مسؤوليات القادة التالي:

  1. الحفاظ على بيئة عمل إيجابية.
  2. إلهام وتشجيع العمل الجماعي والإنجاز الفردي.
  3. القدرة على التأثير في الآخرين.
  4. وضع الأهداف.
  5. المشاركة الفعالة في عملية اتخاذ القرار.

تتشابه المسؤوليات الإدارية غالباً على الرغم من أنَّ لكل مدير مهام مختلفة بناءً على القطاع أو الشركة، كما تعتمد هذه المسؤوليات على توقعات التنفيذيين داخل الشركة.

ليس المدير قائداً بالضرورة، إذ يتطلب الترقي إلى منصب قيادي تلقي الكوتشينغ والمنتورينغ اللازم، واكتساب مجموعة من المهارات الأساسية. لذلك يجب فهم أهمية الاختلاف بين المشرف، والمدير، والقائد.

مقارنة المسؤوليات بين المشرف والمدير والقائد

يمكننا الاطلاع على الوصف الوظيفي لكل منصب لفهم الفرق بين المشرف، والمدير، والقائد.

مسؤوليات المشرف

تشمل مسؤوليات المشرف:

  • تدريب الموظفين الجدد.
  • تطبيق سياسات وقواعد الشركة.
  • إنشاء جداول العمل.
  • قيادة برامج التدريب.
  • ضمان الجودة.
  • دعم الموظفين من خلال توفير المواد والمعدات المناسبة.
  • اللجوء إلى الإدارة عند الضرورة.

مسؤوليات المشرف

مسؤوليات المدير

يتولى المديرون مسؤوليات شاملة تطال المؤسسة بأكملها، وقد يؤدون نفس مهام المشرف من وقتٍ لآخر، لكنَّ هذا ليس عملهم الرئيس. يُكلف المدير بـ:

  1. مراقبة أداء المشرفين والمرؤوسين الآخرين.
  2. تطبيق مهارات حل المشكلات والتفكير النقدي.
  3. تخطيط الميزانية.
  4. تنفيذ مبادرات الشركة.
  5. مراجعة أداء الموظفين.
  6. التوظيف والترقية.
  7. الرد، والإبلاغ إلى المستوى الأعلى من السلطة.
  8. تسوية النزاعات.

قد يتطور المدير إلى قائد إذا تمكن من إكمال هذه المهام بنجاح بانتظام، أو قد يصبح على الأقل جزءاً لا يمكن الاستغناء عنه في الشركة.

مسؤوليات القائد

ليس للقائد دور وظيفي محدد كالوصف الذي يتم إدراجه ضمن إعلانات الوظائف، بل يتطلب مزيجاً من المهارات العملية والشخصية. بعض هذه المهارات الناعمة والصلبة فطرية، بينما يجب تعلُّم بعضها الآخر.

يجب أن تسعى المؤسسات لتطوير القادة نظراً لأنَّ المدير ليس بالضرورة أن يكون قائداً. لكن يجب تحديد الأهداف والنتائج المرجوة قبل تنفيذ هذه الممارسة.

في ما يلي، مجموعة من أبرز السلوكات والممارسات القيادية:

  • منح الموظفين الصلاحيات اللازمة للابتكار، والتجريب، والعمل المستقل.
  • توحيد القِيَم والأهداف في المؤسسة.
  • تحديد الإمكانات في الأسواق والأفراد.
  • اكتشاف طرائق جديدة للحفاظ على الميزة التنافسية.
  • القيادة بالقدوة.
  • اتخاذ القرارات الصعبة والتمسك بها.
  • تطوير الذكاء العاطفي.
  • التحلي بالنزاهة، والتواضع، والصدق، والتعاطف.
  • إنشاء، أو إلغاء، أو تعديل الأدوار الوظيفية، والألقاب، والأقسام حسب الحاجة لتحسين الشركة.

القائد

تمكين الموظفين من الانتقال من مشرف إلى مدير ثم إلى قائد

يمتلك كل فرد تقريباً القدرة على الوصول إلى منصب قيادي إذا كان لديه الطموح، والأدوات، والدعم اللازم للقيام بذلك. قد يتطور الشخص من مشرف إلى مدير إلى قائد من خلال برامج المنتورينغ والتدريب، والحصول على رواتب تنافسية، وامتلاك هدف وغاية من العمل.

يمكن لأي دعم أن يؤدي إلى التطور من مشرف إلى مدير، ومن مدير إلى قائد، وقد يكون جميع المشرفين والمديرين ضمن الظروف المثالية قادة في حد ذاتهم. يحتاجون فقط إلى إطلاق العنان لإمكاناتهم.

وهذا ما يزيد من جاذبية النهج الموضوعي والخارجي تجاه القيادة وأسلوب القيادة. ربما لا تمتلك شركتك الموارد لإنشاء قادة، أو ربما لا تعرف فقط من أين تبدأ.

لذلك قد تحل برامج تدريب القيادة مشاكلك، ويمكن أن يحول برنامج تدريب القيادة المديرين والمشرفين إلى قادة أعمال في المستقبل مع اتباع نهج شامل لمبادئ القيادة والتطبيق العملي. يُعَد ذلك من أفضل الأشياء التي يمكنك القيام بها كقائد لمساعدة فريقك على تحقيق إمكاناته الكاملة.

في الختام

يُخلط – للأسف – بين المشرف، والقائد، والمدير في وسائل الإعلام والمحتوى على الإنترنت مما يصعب فهم الفروق، ولكن نادراً ما يكون ذلك عن سوء نية.

يجب فهم كل منصب من هذه المناصب وكيف يتلاءم خاصةً مع شركتك. يُعد بذل جهد حقيقي لتعريف كل دور مهمةً شاقة، ولكنَّها تؤدي إلى نتائج مرضية من ناحية الإنتاجية والشفافية وحتى اختيار الشخص المناسب للوظيفة.

The last articles

Be up to date with the latest news

Subscribe now to get the latest articles, research, and products that make you stronger than ever