يقتضي العمل في منصب قيادي تجريب أساليب قيادية مختلفة، ثم اختيار الأمثل منها، كما يمكن ابتكار أسلوب فريد يتوافق مع أهداف القائد واحتياجات فريقه. تجدر الإشارة هنا إلى القيادة الابتكارية، والتي تقوم على التفكير الإبداعي. يبحث المقال في هذا الأسلوب القيادي، وكيفية تطبيقه.
ما هي القيادة الابتكارية؟
تُعرّف القيادة الابتكارية بأنّها نهج قيادي يهدف إلى إدارة المشاريع والموظفين من خلال الابتكار والإبداع؛ إذ يستخدم القادة المبتكرون طرائق جديدة لزيادة الإنتاجية تختلف عن الأساليب التقليدية. تزداد أهمية الابتكار في أوقات الأزمات، والتغيرات، والاضطرابات، وبالتالي تستفيد الشركات التي تواجه مثل هذه الظروف من القادة المبتكرين والمبدعين.
من السمات الأخرى للقادة المبتكرين هي الاستعداد لاعتماد نهج مختلف دوماً، وهو ما قد يمثِّل تحدياً لأولئك الذين يفضلون الالتزام بالأساليب التقليدية. يُذكَر من أمثلة القادة المبتكرين في العديد من الشركات العالمية الكبرى الراحل "ستيف جوبز" (Steve Jobs)، أحد مؤسسي شركة "أبل" (Apple)، والذي أحدث ثورة عند إطلاق فكرة الكمبيوتر الشخصي، وعمل جنباً إلى جنب مع الموظفين في حملته التسويقية المبتكرة: "فكر بطريقة مختلفة" (Think different)، والتي أدت إلى نجاح كل من منصة "آي تيونز" (iTunes) وجهاز "آي ماك" (iMac) و"آي بود" (iPod) و"آيفون" (iPhone).
ليس من الضروري أن يكون القادة أصحاب تلك الأفكار الإبداعية؛ بل يكمن دورهم في اكتشاف الأعضاء المميزين في الفريق، والعمل انطلاقاً من أفكارهم؛ فما يميز القائد المبتكر هو قدرته على التكيف مع التغيير، وتجريب الأفكار الجديدة، وتطبيق الحلول الإبداعية.
مهارات القادة المبتكرين
يجب أن يتمتع القائد المبتكر بمهارات معيَّنة مهما كان مجال عمله أو الفريق الذي يشرف عليه. تتضمن المهارات القيادية:
1. التواصل
تشمل المهارات الأساسية للقائد المبتكر القدرة على التواصل الفعال مع جميع الأطراف، والاعتراف بالمساهمات الفردية، وإعلام أعضاء الفريق بمجريات العمل وتشجيعهم على المشاركة. تتطلب القيادة الابتكارية أيضاً القدرة على صياغة رؤية ملهمة، وتعزيز وعي الموظفين وحماستهم تجاه العمل.
2. التخيُّل
استخدام الخيال سمة هامة يجب أن يتمتع بها القادة المبتكرون؛ إذ ينبغي عليهم تصوُّر مستقبل العمل، والتفكير في الخطوات اللازمة لتحقيق الأهداف.
3. استثمار الفرص
إنَّ القدرة على تقبُّل الأفكار والفرص الجديدة هي طريقة فريدة للقيام بالعمل، وهي سمة هامة للقادة المبتكرين؛ لأنَّها تتيح استثمار الفرص الجديدة وتجربتها. كما تساعد هذه السمة أيضاً في رؤية المفاهيم بمنظورها الواسع، بدلاً من الانشغال بالتفاصيل.
4. التعاطف
تُعد القدرة على التعاطف مع الآخرين مهارة هامة يجب أن يتمتع بها جميع القادة؛ إذ يُبدي القائد تعاطفه تجاه العملاء أو الأطراف المستفيدة من الأفكار المبتكرة التي يطورها، كما يتعاطف مع احتياجات الجمهور المستهدف بغية إيجاد طرائق لتحسين العروض وتلبية تلك الاحتياجات.
5. تقديم الأفكار الإبداعية
يُعَد العصف الذهني وسيلة فعالة لإنتاج الأفكار الإبداعية، وهو مهارة هامة تفيد القادة المبتكرين. يُنصَح بأن يخصص القائد بعض الوقت يومياً للتفكير الإبداعي وتسجيل الأفكار التي تخطر بباله. يمكن أيضاً إنشاء بيئة عمل مواتية للإبداع والنمو، وذلك من خلال إغلاق صندوق البريد الوارد لعدة ساعات كل يوم للتفرغ للعصف الذهني، أو إضافة عناصر مرئية مميزة تحفِّز التفكير في مكان العمل.
6. الكفاءة
يعمل القادة المبتكرون بكفاءة، ويحفِّزون فِرقهم، ويركزون على الإنجاز.
7 خطوات لتصبح قائداً مبتكراً
1. الرغبة بمواصلة التعلم
التعلم المستمر ضروري للقادة؛ لأنَّ التقدم في المشاريع، وإنتاج الأفكار الإبداعية يتطلب تحصيل معرفة وخبرات معيَّنة، ومواكبة التطورات في مجال العمل.
2. التعلم من القادة المبتكرين
يُنصَح بالتعلم من القادة المبتكرين اللامعين عن طريق تحديد المهارات، والسمات، والأساليب التي تميزهم، وتطبيقها في الممارسات القيادية.
3. تحسين الأفكار الموجودة
لقد حسَّن العديد من القادة المبتكرين الأفكار الموجودة من قبل، بدلاً من تقديم أفكار جديدة؛ إذ يختلف الابتكار عن الاختراع، فالابتكار وسيلة لتقديم الأفكار بطرائق جديدة. على سبيل المثال: لم يخترع "ستيف جوبز" الحاسوب الشخصي؛ بل غيَّر طريقة عرضه للمستهلكين.
4. وضع أهداف قابلة للتحقيق
يُعد وضع الأهداف من أساسيات القيادة الفعالة، ويجب أن تكون هذه الأهداف واضحة، وسهلة الفهم، وقابلة للتحقيق. ينبغي أيضاً تحديد أهمية الفكرة بالنسبة للشركة أو المستهلكين، والغاية من تحقيق الهدف.
5. العمل بشغف
يؤدي الشغف بالعمل إلى تحقيق النجاح في الحياة المهنية؛ إذ يصعب الحفاظ على الدافع إذا كان المكسب المالي هو السبب الوحيد للعمل. يساعد الشغف تجاه العمل في تحقيق قدر أكبر من الإنجاز والشعور بالرضا، الأمر الذي يؤثر إيجاباً في الموظفين.
6. القدرة على التكيف
يمثل التغيير تحدياً للقادة في جميع مجالات العمل؛ لأنَّه يتطلب تغيير العقلية، واعتماد طرائق جديدة في التفكير والعمل. يفيد التكيف مع التغيير في تعزيز مهارات القادة المبتكرين؛ إذ إنّ مفهوم الابتكار مبني أصلاً على التغيير والتفكير الإبداعي، لذا من الهام تقبل التغيير والتكيف وتبديل العمليات الحالية.
7. المثابرة
المثابرة هي سمة مشتركة بين ألمع القادة على مر التاريخ، وقد تتعرض للفشل قبل تحقيق النجاح، لكن ما يميزك عن الآخرين هو رغبتك في الاستمرار والمحاولة مجدداً.
في الختام
إنَّ القيادة الابتكارية هي أسلوب يركز على تحفيز الأفكار الجديدة، ورفع الإنتاجية في المنظمات، وبالتالي زيادة تقدمها، وتعزيز ميزتها التنافسية.