لا يقتصر كونك قائداً على شغل منصب أعلى أو الحصول على أجرٍ أعلى أو الاضطلاع بمسؤوليات إضافية؛ بل هو مجموعة مهارات يجب عليك تطويرها باستمرار، فكل قائد مهما كان مستوى خبرته ومهارته، لديه مجال للنمو، ولكنَّ التفكير في تحديد أهداف للقيادة وتحقيقها قد يكون مربكاً، فتوجد 10 أهداف أساسية لتطوير القيادة يجب أن تسعى جاهداً إلى تحقيقها وفق موقعك ومستوى مهارتك، وبمجرد تحديد الهدف الذي تريد السعي إلى تحقيقه، فإنَّ الخطوة التالية هي وضع خطة عمل لتحقيقه وتتبُّع تقدمك، وفي النهاية سيساعدك اتِّباع هذه العملية على أن تصبح القائد الذي تستحقه شركتك.
ما سبب أهمية القيادة الجيدة؟
يمكن أن تُحدِثَ القيادة الجيدة فارقاً كبيراً في مكان العمل، فدونها ستتراجع معنويات الموظفين وإنتاجيتهم حتماً؛ إذ توجد أخطاء شائعة يرتكبها القادة، لكن يمكن لأي شخص أن يتعلَّم القيادة بفاعلية أكبر؛ سواء كان قائداً بالفطرة أم طوَّر مهاراته القيادية مع مرور الوقت، فيوجد دائماً مجال للنمو.
الخطوة الأولى لتصبح قائداً أفضل هي تحسين وعيك بذاتك، وهذا سيساعدك على تحديد أهدافك لتطوير نفسك بوصفك قائداً؛ وهي الخطوة التالية لتصبح قائداً أفضل، ويجب أن تكون الأهداف التي تحددها موجهة لتقوية نقاط ضعفك وتحسين أسلوبك في القيادة.
نصيحة: حدِّد أسلوبك في القيادة من خلال "تقييم ديسك " (DiSC assessment)، وستحدِّد إجاباتك عن سلسلة من الأسئلة نوعَ شخصيتك الرئيسة والقيم التي تَعُدُّها أولوية بالنسبة إليك، وهذا سيساعدك على تحديد نقاط القوة والضعف في أسلوب إدارتك؛ والذي سيزيد من وعيك الذاتي ويسهِّل عليك تحقيق أهدافك.
10 أهداف للتطوُّر كقائد:
هذه الأهداف هي ما اجتمعت عليه مجموعة من أصحاب الشركات وخبراء القيادة، لكن ضع في حسبانك أنَّ الصفات القيادية التي تحتاج إلى تطويرها تعتمد على خبرتك ومستوى مهارتك.
إليك أهم 10 أهداف لتطوِّر نفسك كقائد؛ والتي يمكن لكل قائد العمل على تحقيقها:
1. الإصغاء:
الإصغاء هو صفة مشتركة بين القادة الناجحين؛ إذ يسهِّل القائد الفعَّال التواصل الواضح ويصغي إلى ما يقوله أعضاء فريقه من جميع المستويات؛ لذا افتح كل محادثة بهدف الإصغاء إلى آراء فريقك؛ سواء كانت إيجابية أم سلبية.
2. تقديم تغذية راجعة بنَّاءة تسهِّل النمو:
تعزِّز غالباً الشركات التواصل الواضح ونمو الموظفين من خلال التغذية الراجعة، وبوصفك قائداً يمكنك مساعدة فريقك على التميُّز من خلال تقديم تغذية راجعة بنَّاءة تركِّز في إمكانات التحسُّن وليس الأخطاء، لكن ينطوي تقديم التغذية الراجعة على أكثر من مجرد مراجعة سلوك الموظف، فعند القيام بذلك بطريقة صحيحة، يمكن أن يحفَّز النمو والتطور؛ لذا أَنشِئ بيئة يشعر فيها فريقك بالثقة بتغذيتك الراجعة.
يقول "جوي كلين" (Joey Klein) المدير التنفيذي ومؤسس شركة "كونشس ترانسفورميشن" (Conscious Transformation): "تعلَّم كيفية تقديم التغذية الراجعة بطريقة تعزِّز الأشياء التي يفعلها الموظفون جيداً حتى يستمروا في ذلك، لكن طوِّر أيضاً مجموعة من المهارات؛ إذ يمكنك تقديم تغذية راجعة عن النقاط التي تحتاج إلى تحسين بطريقة يشعر الشخص بعدها بأنَّك شجَّعته على النمو وتقديم أداء أفضل".
3.التكيُّف مع التغيير والنمو:
بدلاً من افتراض أنَّك تعرف كل شيء؛ حدِّد هدفاً لنفسك بأن تكون مستعداً للتكيُّف ومنفتحاً على التعلُّم، وهكذا ستتمكَّن من إدارة شركتك بنجاح أكثر، وهذا هام وخاصةً خلال فترات الاضطرابات الاقتصادية؛ إذ عندما قد تحتاج إلى إدارة الموارد أو العمليات التجارية للتكيُّف مع التغييرات في الاقتصاد، فإنَّ الانفتاح على الفرص الجديدة والطرائق الجديدة للعمل سيساعدك أنت وشركتك على النمو مع مرور الوقت.
4. تحسين ذكائك العاطفي:
يتمتَّع القادة الناجحون غالباً بمعدل ذكاء عاطفي مرتفع؛ فالمكونات الخمسة الرئيسة للذكاء العاطفي هي الإدراك الذاتي والتنظيم الذاتي والإدراك الاجتماعي والتنظيم الاجتماعي والدافع، وتساعدنا هذه السمات على اتِّخاذ القرارات وتحديد الأهداف وإدارة الجهود، وهي كلها عناصر أساسية للقيادة، وفي حين أنَّ بعض القادة يتمتعون بمعدل ذكاء عاطفي مرتفع بطبيعتهم، إلَّا أنَّه شيء يمكن تحسينه، ويعتقد "كلين" أنَّ كل قائد يجب أن يفهم بوضوح ما هو الذكاء العاطفي ويجب أن تكون لديه خطة لتطوير مهاراته فيه.
5. زيادة كفاءَتك:
يتحمَّل القادة غالباً مسؤوليات مختلفة؛ وهذا سبب أهمية إدارة الوقت؛ لذا حدِّد الطرائق التي يمكنك من خلالها أن تصبح أكثر كفاءَة في أداء مسؤولياتك الفردية وكذلك الإدارية، واعمَل على تحقيق تلك الأهداف، وعندما تصبح أكثر كفاءة، سيكون لديك المزيد من الوقت لتقضيه في تحسين المهارات وإنجاز المهام الأخرى.
6. بناء فرق متعاونة:
أفضل الشركات متنوعة وشاملة وتضم أفراداً مميَّزين؛ إذ يمكن أن يحدد القائد الجيد بموضوعية أفضل موظَّف لأداء كل مهمة وإنشاء فريق ناجح.
وفقاً لـ "كلاين" فإنَّ القادة يميلون إلى توظيف أشخاص يشبهونهم كثيراً، لكن لتنمو الشركة تحتاج إلى فريق متنوع لدى أفراده مجموعة مهارات تكمِّل بعضها.
يقول "كلين": "يجب على القادة أن يكونوا ماهرين في تقييم ما إذا كان الفرد قادراً على تحقيق النتيجة التي تسعى إليها الشركة، إضافةً إلى كونه مناسباً تماماً لثقافتها، وكلما زاد عدد الفرق المنتقاة بعناية والقادرة على العمل مع بعضها بعضاً، كان ذلك أفضل".
7. تجسيد صفات القائد:
تبدأ ثقافة الشركات من قيادتها، فإذا كنتَ تريد أن يسهل في شركتك التواصل المفتوح والعمل الجماعي، فيجب عليك أن تجسِّد تلك الصفات، ومن ثم إذا كنتَ مثالاً سيِّئاً، فمن المحتمل أن يقلِّدك موظفوك أيضاً.
يقول "دانيال سنو" (Daniel Snow) المدير التنفيذي ومؤسِّس شركة "ذا سنو إيجنسي" (The Snow Agency): "بوصفك قائداً يجب أن تكون قدوةً يحتذى بها، وألَّا تظهر كيف يمكن أن تؤثر الأوقات المضطربة فيك على المستوى الشخصي".
8. المنتورينغ:
القادة الجيدون هم أيضاً منتورز؛ إذ يتطلَّع فريقك إليك للحصول على التوجيه والإرشاد والكوتشينغ؛ لذا اجعَل المنتورينغ أولوية لك عند تحديد الأهداف، وضَع خطة تطوير تساعد كل عضو في الفريق على النمو كفرد وفي دوره.
وفقاً للمؤسِّسة المشاركة والمديرة التنفيذية للعمليات في شركة "تيوتر ذا بيبول" (Tutor the People) "إليزا نيميش" (Eliza Nimmich)؛ فإنَّ كبار القادة يجتمعون مع كل عضو في فريقهم ويتحدثون إليه عن أهدافه المهنية.
تقول نيميش: "اعمَل معهم بعد ذلك على التفكير في السبل التي يمكنهم من خلالها تحقيق هذه الأهداف، وقدِّم لهم تغذية راجعة ونصائح منتظمة بعد اجتماعك لمساعدتهم خلال هذه الرحلة، وأَظهِر لهم أنَّك تهتم بتطورهم الشخصي من خلال تخصيص الوقت للإصغاء إليهم وتقديم فرص جديدة لهم لإثارة روح التحدي فيهم".
9.تقدير فريقك والتعاطف معه:
يُدرك كل قائد عظيم أنَّ أكبر مورد للشركة هو موظفوها؛ لذا عبِّر عن الامتنان والتقدير لفريقك، وخاصةً عندما يحقِّقون هدفاً جديداً، فيمكن أن يزيد وجود فريق من الموظفين الراضين الإنتاجية ويقلِّل معدل دوران القوى العاملة.
يقول "سنو": "أَشِد بموظفيك علناً حتى يعرفوا أنَّهم موضع تقدير، وأَكِّد على أنَّك لا تستخف بعملهم، وأنَّك تعدُّهم من الموارد الهامَّة جداً لشركتك، واعقُد اجتماعاً على مستوى الشركة؛ إذ يمكن للموظفين أن يشيروا إلى مَن ساعدهم بكل طريقة مُمكنة، ومَن بذل أقصى جهوده لمساعدتهم".
10. التحلي بالصدق والصراحة وتحمُّل المسؤولية:
يجب أن يكون كل قائد صادقاً وصريحاً مع فريقه، وأن يتحمَّل دائماً مسؤولية أفعاله، ويتطلَّب هذا التواضع؛ وتعني القيادة المتواضعة أنَّك يجب أن تكون على استعداد للاعتراف بأخطائك، وأن تكون على استعداد للإصغاء إلى عملائك وموظفيك بذهن منفتح، وتسهِّل هذه الصفات بناء الثقة بين الإدارة والموظفين، وهو أمر هام وخاصةً في أوقات عدم اليقين.
يقول "سنو": "في حين أنَّ الأوقات المضطربة يمكن أن تؤثر بوضوح في كل مجال سواء بشكل إيجابي أم سلبي، فيجب أن تكون قادراً على إخبار الموظفين، كما يجب أن تكون صريحاً بشأن خططك؛ إذ يتمكَّن الجميع من العمل معاً وفق رؤيتك".
نصيحة: استخدِم التعابير الصحيحة؛ وذلك لأنَّها جزء هام من القيادة الناجحة، وسيؤدي التواصل بالأسلوب المناسب مع فريقك إلى زيادة سعادة الموظفين وانخفاض معدل دوران القوى العاملة وإنشاء بيئة عمل جيدة للجميع.
كيف تكتب أهدافاً للتطوُّر القيادي؟
لا يتمتع كل شخص بنقاط القوة والضعف نفسها؛ لذلك يجب أن تكون الأهداف محدَّدة ومخصَّصة لكل قائد، فاستخدِم هذه العملية البسيطة، واتَّبِع هذه النصائح لمساعدتك على إنشاء وتتبُّع التقدُّم في أهدافك للتطور بوصفك قائداً وهي:
- حدِّد نقاط قوتك وضعفك: عند كتابة أهدافك ابدأ بتحديد نقاط قوتك وضعفك كقائد بموضوعية، وإذا كنتَ تواجه صعوبة في رؤية نقاط ضعفك، فاطلُب التغذية الراجعة من مستشار موثوق أو فريقك أو استعِن بأداة تقييم القيادة.
- اختر مجالاً لتحسينه: اختر نقاط ضعف تريد تحسينها، لكن ركِّز في واحدة أو اثنتين فقط في المرة الواحدة؛ إذ قد تصبح محاولة تحسين العديد من المجالات في وقت واحد أمراً مربكاً وتؤدي إلى فقدانك لتركيزك.
- ضع أهدافاً للتطوُّر وخطة لتحقيقها: اختر ثلاثة أو أربعة أهداف للتطور ستساعدك على تحسين نقاط ضعفك، فيوصي الخبراء بوضع أهداف ذكية (Smart Goals) ووضع خطة لتحقيقها.
- تتبَّع تقدمك: يمكن أن تكون الأهداف طويلة أو قصيرة الأمد أو كليهما، ويمكنك استخدام استراتيجيات متعددة لتحقيقها، ومع ذلك قد يكون من المفيد تقسيم الأهداف طويلة الأمد إلى أهداف أصغر قصيرة الأمد يمكن تتبُّعها أسبوعياً.
- أَعِد تقييم مهاراتك وعدِّل خطتك وفق الحاجة: يمكن تحسين مهارات القيادة باستمرار، وعندما تحقِّق أهدافك أَعِد تقييم مهاراتك القيادية واختر مجالات جديدة للعمل على تحسينها.
في الختام:
القيادة القوية هامَّة ولكنَّها لا تعني شيئاً دون القيادة الأخلاقية، وتضمن القيادة الأخلاقية بيئة عمل صحيَّة وصورة إيجابية للعلامة التجارية؛ لذا اختَر دعم قيم إيجابية تعطي الأولوية لحقوق الآخرين وكرامتهم أينما كان, إذ يحدِّد قادة شركتك ثقافة الشركة وتوقعات الموظفين، ويتطلَّع الموظفون إلى القادة لتقليد تصرفاتهم سواء كانت جيدة أم سيئة في جميع أنحاء الشركة.