English

دليل القادة لتحقيق التوافق بين الثقافة التنظيمية والأداء

يعتقد الكثيرون أنَّ الثقافة التنظيمية تتطور من تلقاء نفسها، وأنَّ القادة لا يستطيعون إعادة بناء ثقافة ضعيفة، ولكنَّها أفكار خاطئة؛ فالثقافة التنظيمية والأداء مرتبطان ارتباطاً وثيقاً، وتقول 69% من المؤسسات التي تكيفت أثناء انتشار فيروس كورونا (Covid-19) إنَّ قوة الثقافة منحتهم ميزة تنافسية.

فحص المؤلفَين "جون كوتر" (John Kotter) و"جيمس هيسكيت" (James Heskett) الثقافة التنظيمية والأداء في 200 شركة، ووجدا أنَّ الشركات التي لها ثقافات تنظيمية قوية ازداد صافي أرباحها بنسبة 756%، مقارنة بنسبة 1% في الشركات ذات الثقافة التنظيمية الضعيفة، ويقولون إنَّ القادة لديهم القدرة على تغيير الثقافة الفاشلة، ولا يكفي تقديم أمور مثل الأنشطة الترفيهية، ووجبات الطعام، وتحقيق الانسجام بين الموظفين، وحتى زيادة الأجور.

معنى "التوافق" في هذا السياق

يعني التوافق أنَّ "الكل أكبر من مجموع أجزائه"، وإنشاء بيئة عمل تتيح التعاون بسلاسة بين الموظفين، حيث تفهم الفِرق نقاط قوتها وتستثمرها لتحقيق الإنتاجية، والكفاءة، والقدرة على التكيف، وتحقق الأهداف الاستراتيجية، وتنجح في بيئة تتطور باستمرار.

لماذا على القادة الاهتمام بالتوافق بين الثقافة التنظيمية والأداء؟

تسبب الثقافة التنظيمية السامة شعور الموظفين بالإحباط وعدم الاندماج؛ فوفقاً لمؤسسة "غالوب" (Gallup)، يشعر 65% من القوى العاملة في الولايات المتحدة بذلك، أما المؤسسات التي يشعر موظفوها بالاندماج الكبير في العمل، ينخفض دوران العمالة فيها بنسبة 59%.

ولهذا السبب قال 56% من الأشخاص الذين استطلع موقع "غلاس دور" (Glassdoor) آراءهم، إنَّ الثقافة التنظيمية الفعالة في مكان العمل أهم من الراتب لتحقيق الرضا الوظيفي.

إنَّ الثقافة التنظيمية والأداء مرتبطان في كل جزء من العمل، بدءاً من الطريقة التي يشعر بها الموظفون تجاه عملهم، ويتفاعلون مع بعضهم، ويستجيبون للتحديات، ووصولاً إلى كيفية تعاملهم مع الأخطاء، والأفكار المتعلقة بالتوازن بين العمل والحياة.

ولكن وفقاً لشركة "برايس ووترهاوس كوبرز" (PwC)، على الرغم من أنَّ 77% من كبار المديرين يشعرون بالارتباط بهدف الشركة، فإنَّ 54% فقط من الموظفين الآخرين يساورهم نفس الشعور.

دور القادة في تشكيل الثقافة التنظيمية

أساليب القيادة وتأثيرها

  • القادة المستبدون الذين يتخذون القرارات بمعزل عن الآخرين، فيقدم الموظفون أداء سريعاً، ولكن يمتنعون عن الإبداع وتضعف معنوياتهم.
  • القادة الديمقراطيون الذين يُشركون أفراد الفريق في عملية صنع القرار، مما يعزز الاندماج والابتكار.
  • القادة التحويليون الذين يلهمون فِرقهم ويحفزونهم لتحقيق رؤية مشتركة، مما يؤدي إلى زيادة التزام الموظفين والقدرة على التكيف التنظيمي.
  • القادة الذين يتَّبعون سياسة عدم التدخل الذين يمنحون الموظفين الاستقلالية، مما يؤدي إلى تعزيز إبداعهم، ولكنَّهم لا يحصلون على التوجيه.
  • قادة التعامليون الذين يركزون على أهداف واضحة ويقدمون المكافآت ويفرضون العقوبات على الموظفين وفقاً لأدائهم، مما يؤدي إلى إنشاء ثقافة يحقق فيها الموظفون النتائج، ولكنَّهم يفتقرون إلى الإبداع والتفكير طويل الأمد.

من الضروري تحقيق التوازن المناسب بين السلطة، والتعاون، والتحفيز، والاستقلالية لتحسين التوافق بين الثقافة التنظيمية وأداء الموظفين.

القيادة والثقافة التنظيمية         

وفقاً لشركة "سيلز فورس" (Salesforce) يقول أكثر من 70% من الموظفين في الولايات المتحدة أنَّ الارتباط بالثقافة التنظيمية وقيمها يحفزهم على بذل قصارى جهدهم؛ إذ أنَّ التوافق بين القيادة والثقافة التنظيمية هو أساس نجاح الشركات. يشكِّل القادة الفعالون قدوة في الاهتمام بالثقافة التنظيمية وأداء الموظفين وتمثيل السلوكات والقيم المرغوبة؛ فإما أن تمكِّن الثقافة التنظيمية القادة أو تعيقهم في تنفيذ الاستراتيجيات وتحفيز الفرق.

تأثير الثقافة التنظيمية في الأداء

يصعب قياس مدى فاعلية الثقافة التنظيمية، ولكن هناك سلسلة من الأدوات لضمان تحقيق التغيير الثقافي:

  • استطلاعات رأي لقياس الاندماج: لجمع البيانات حول المعايير الثقافية، وعزل تحديات القادة لتتبع وقياس التغييرات في الثقافة التنظيمية وأدائها.
  • استطلاعات للتشخيص الثقافي: للتوعية بالتحديات التي تواجهها الفِرق عند العمل مع فرق تقليدية تعمل معاً في مكان العمل.
  • برنامج تتبع السلوك: من الأفضل إجراءه كل 6 أشهر، لتتبع وقياس الثقافة التنظيمية وأدائها.
  • تقنية تعزيز العادات: إما لمدة 30 أو 60 أو 90 يوماً للتأكد من اكتساب العادات.
  • الكوتشينغ: يقدم مجموعة من الكوتشز الكوتشينغ للقادة بعد الخضوع لتدريب معين.
  • خدمات تصميم الاستشارة والتخصيص: تخصيص برامج التدريب لتتناسب مع الثقافة التنظيمية من حيث الرؤية والقيم والسلوكات.
  • أمثلة إيجابية

 أمثلة واقعية

1. شركة "غوغل" (Google)

يطمح الموظفون إلى تحقيق رسالة الشركة، وهي "تنظيم المعلومات في جميع أنحاء العالم وتمكين الجميع من الوصول إليها والاستفادة منها"، ويرون أنَّ عملهم مؤثر وهام.

شركة

2. موقع "هبسبوت" (HubSpot)

يستخدم سياسة الباب المفتوح، ولا يعتقد أنَّ الموظفين بحاجة إلى ساعات عمل محددة أو الجلوس وراء مكاتب للقيام بعمل رائع.

أمثلة سلبية

1. شركة "أمازون" (Amazon)

وصف العديد من الموظفين تجاربهم في العمل في الشركة بأنها قاسية ومرهقة، وأفادوا بعدم توفر توجيه أو مساعدة عند مواجهة العقبات.

2. شركة "أوبر" (Uber)

وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times) ثقافتها التنظيمية بأنَّها "عدوانية وغير منضبطة"، حتى أنَّ "أوبر" اعترفت بأنَّ السلبية في ثقافتها تشكل خطراً على المستثمرين.

شركة أوبر

استراتيجيات القادة لتعزيز التوافق بين الثقافة التنظيمية والأداء

1. إجراء التغيير

إنَّ الثقافة التنظيمية مترسخة في الموظفين، وهم قادرون على التغير، طالما أنَّهم ينوون فعل ذلك. لذا، على القادة أن يكونوا قدوة من خلال:

  • تعزيز الثقة: على القادة التمتع بالصدق والنزاهة في أفعالهم، وإنشاء تجارب مشتركة مثل: المشاريع التعاونية أو أنشطة بناء الفريق.
  • تحديد أهداف وتوقعات واضحة: على القادة تحديد الأهداف بوضوح وإشراك أفراد الفريق في هذه العملية لزيادة الشعور بالمسؤولية وتعزيز دوافع جميع الموظفين.
  • تعزيز السلامة النفسية: على القادة إنشاء مساحة آمنة حيث يمكن للموظفين طرح الأسئلة ومشاركة مخاوفهم وأفكارهم وتقديم التغذية الراجعة، كما من الهام اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة مشكلات الموظفين، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى ازدهار الشركة.
  • الاحتفاء بالتنوع: على القادة تقبل نقاط القوة والخبرات والمواهب الفريدة للموظفين، وذلك لإنشاء بيئة عمل تتسم بالشمولية، يشعر فيها الجميع بالتقدير.
  • تشجيع الدعم والتقدير: على القادة تقدير إنجازات الموظفين والفرق، وتشجيع أفراد الفريق على الاحتفاء بنجاحات بعضهم وتقديم المساعدة عند الحاجة.
  • التشجيع على التطوير: على القادة تقديم الكوتشينغ للموظفين بدلاً من انتقادهم باستمرار، والاهتمام بمواهبهم وطموحاتهم، وتوفير الفرص لتعزيز المهارات وتحقيق النمو.

2. التغلب على التحديات

إنَّ العقبات الحقيقية التي تحول دون تحقيق التغير في الثقافة التنظيمية وأداء الموظفين هي عقبات داخلية مثل الغرور والخوف والتقاعس والأفكار المسبقة، وحتى لو كان التغيير إيجابياً، فمن الممكن أن يقابَل بالرفض.

 في الختام

إنَّ تحمل مسؤولية تشكيل الثقافة التنظيمية وتحسين أداء الموظفين وتحقيق التوافق بينهما، هو من أهم التغييرات التي يجب أن يحدثها القادة في طريقة تفكيرهم؛ فحين يفهم القادة العلاقة بين الثقافة التنظيمية والأداء، ينشئون قوى عاملة أكثر اندماجاً، تقدم أفضل أداء في كل يوم عمل.

آخر المقالات

كن على اطلاع بأحدث الأخبار

اشترك الآن لتحصل على أحدث المقالات والأبحاث والمنتجات التي تجعلك أقوى من أي وقت مضى