يخلط الكثيرون بين مصطلحَي "اختبار" و"تقييم"، وهناك الكثير من الالتباس حول كيفية استخدام اختبار القيادة؛ لذا يجب توضيح ما يميِّزه عن الأنواع الأخرى من التقييم.
ما هو اختبار القيادة؟
يُعرَّف بأنَّه مجموعة من الأسئلة المغلقة التي جوابها "نعم" أو "لا"، والمصمَّمة لجمع البيانات حول ذكاء القائد ومعرفته وحكمه وشخصيته وتفضيلاته. يُصحَّح هذا الاختبار إلكترونياً عادة، وتستخدم فِرَق الموارد البشرية الاختبار لفرز مجموعة كبيرة من المرشحين أو اختيار قائمة مختصرة منهم؛ لأنَّه يُجرى عبر الإنترنت، ويسمح باختبار عدد كبير من المستخدمين. سنسلِّط الضوء في مقالتنا على الاختبارات المصمَّمة لاختيار المرشحين للمناصب القيادية.
فيما يأتي بعض الأسئلة الشائعة التي تُطرَح في الاختبار:
- مدى الاتفاق مع جملة معيَّنة: يُسأَل المرشح عن رأيه بجملة معيَّنة على مقياس يتراوح بين "أوافق بشدة" إلى "أعارض بشدة".
- الاختيار من متعدد: يتضمن السؤال عدة خيارات، ولا يوجد إجابات محايدة، مثل "محايد" أو "لا أعلم".
- الحكم على المواقف: يُطرَح على المرشح مواقف معيَّنة، ويُعطَى عدة خيارات حول كيفية الاستجابة لها.
- مدى فعالية الإجراءات: يُطرَح موقفاً معيَّناً وسلسلة من الإجراءات المحتملة للاستجابة له، ثمَّ يُطلَب منه تقييم فعالية كل واحد من هذه الإجراءات.
تُستخدَم اختبارات القيادة للحصول على بيانات تعطي فكرة عن أداء القائد، فتقيِّم أسئلة الحكم على المواقف وتقدِّر فعالية الإجراءات مدى معرفة المرشح بالإجراءات التي يجب اتخاذها، ممَّا يتيح إمكانية المفاضلة بين المتقدِّمين، واختيار المرشح الأنسب إلَّا أنَّ الاختبار لا يقيِّم قدرة المرشحين على تنفيذ هذه الإجراءات على أرض الواقع.
متى يُستخدم اختبار القيادة؟
يُعَدُّ وسيلة سريعة وسهلة نسبياً للحصول على البيانات اللازمة لإجراءات التعيين، والترقية، والتطوير الخاصة بالقادة. فيما يأتي الحالات التي يفيد فيها اختبار القيادة:
1. تطوير المساهمين ذوي الأداء العالي
تُستخدَم اختبارات القيادة لمساعدة المساهمين ذوي الأداء العالي والراغبين بتولِّي منصب قيادي على تعزيز مسيرتهم المهنية، فتقدِّم النتائج بيانات تحدِّد المرشَّح الأنسب للمناصب القيادية. توضَع في المراحل اللاحقة خطة العمل اللازمة لتهيئة أصحاب الأداء العالي لتولِّي هذه المناصب.
2. تصميم خطط تطوير فردية مخصصة
تُنشَئ بناءً على نتائج الاختبار خطط تطوير مخصصة للأفراد، فمثلاً إذا كان أحد المرشحين يفتقر لمهارات التفويض، يستطيع مديره مساعدته عن طريق تعريفه على أبرز الممارسات والأدوات المستخدمة في التفويض، أو تكليفه بحضور دورة تدريبية عن هذا الموضوع، أو إسناد مهام تتطلب منه تطبيق مهارات التفويض.
3. جمع البيانات من الفِرق لتصميم برامج التنمية
يوضِّح هذا النوع من البيانات نقاط قوة الفِرق والفرص المتاحة لتنميتها، فمثلاً إذا افتقرَت إلى القدرة على التأثير في الآخرين، يمكن تقديم برنامج لتحسين هذه المهارة.
4. زيادة الثقة في قرارات التعيين
يقدِّم اختبار القيادة بيانات مفيدة عن المرشحين في مرحلة مبكِّرة من عملية التوظيف، ممَّا يزيد من فعالية المقابلات وإجراءات العمل اللاحقة. يزداد احتمال نجاح المرشَّح في المناصب القيادية، عندما ينال درجات عالية في اختبارات القيادة.
متى يجب تجنُّب استخدام اختبار القيادة؟
تعتمد الشركة على اختبارات القيادة لجمع جميع أنواع البيانات، فهي سهلة الإدارة وعادة ما يمكن الحصول على النتائج فوراً، ولكنَّ هناك حالات لا يوصَى فيها باللجوء إلى الاختبارات، منها:
1. اعتبارها الوسيلة الوحيدة لاختيار المرشَّحين
لا يجب أن يكون اختبار القيادة الوسيلة الوحيدة لتوظيف القادة أو ترقيتهم؛ لأنَّها غير كافية لتقييم المرشحين؛ إذ لا يقدِّم اختبار واحد معلومات كافية حول سلوكاتهم أو دوافعهم أو الجوانب الأخرى اللازمة لتولِّي المنصب.
2. الحاجة إلى معلومات تفصيلية
يُزوِّد الاختبار القادة بفكرة حول نقاط القوة والجوانب التي تتطلب التنمية، فإذا كان الهدف هو تقديم رؤى عميقة حول سلوكات معيَّنة، فقد يكون هناك حاجة إلى تقييم شامل أكثر، لا سيما القادة ذوي الإمكانات العالية الذين يرغبون بتحقيق التنمية سريعاً.
3. تحديد الموظفين المؤهَّلين لتولِّي منصب قيادي
يجب تحديد الموظفين المؤهَّلين في حالات التعاقب الوظيفي لتولِّي المناصب القيادية، واكتشاف المهارات التي تنقصهم. يُفضَّل استخدام اختبارات المحاكاة، من أجل تقييم قدرة القائد على التعامل مع التحديات الشائعة في المنصب الذي يمكن أن يترقى إليه.
4. إدارة الأداء
لا يجب استخدام اختبار القيادة في عملية إدارة الأداء؛ بل ينبغي أن يستند تقييم المرشحين إلى أدائهم في العمل، وليس إلى نتيجة الاختبار.
آلية عمل اختبار القيادة
يتطلب اختبار القيادة عدة خطوات ليكون فعالاً، والتي تشمل:
- اختيار اختبار مرتبط بالكفاءات المطلوبة للنجاح: لا يجب استخدام نتائج اختبار مصمَّم لهدف مختلف.
- وضع سياسة لمشاركة البيانات: يجب تحديد الجهات التي يحق لها الوصول إلى البيانات، والهدف من مشاركته معها. يُنصح بمشاركة البيانات مع القادة والمديرين إذا كان الهدف هو التنمية والتطوير، أمَّا إذا كان المرشحون للمناصب من خارج الشركة، فلا يحق لهم الاطلاع على النتائج، إلا إذا وُظِّفوا فيما بعد.
- تدريب المديرين على كيفية استخدام النتائج وفهمها.
- تكليف مسؤولي الموارد البشرية بإعداد منصة تسمح للمشاركين بالوصول إلى الاختبار عبر الإنترنت.
- إتاحة القدرة على إكمال الاختبار في جلسة واحدة، وضمن إطار زمني محدد.
- تقديم نتائج الاختبار فوراً.
- تحليل نتائج الاختبارات التي خضع لها الأفراد والفِرق لإقرار الخطوات التالية.
ما مقدار الوقت الذي يستغرقه اختبار القيادة؟
لا يستغرق كثيراً من الوقت مقارنةً بالأنواع الأخرى من التقييم، ويتطلب إعداد الاختبارات الإلكترونية عادةً خطوات بسيطة، مثل: تسجيل أسماء المرشحين وعناوين بريدهم الإلكتروني وأية تفاصيل إضافية هامة، ثمَّ تُرسَل بعدها رسائل البريد الإلكتروني للخدمة الذاتية. يستغرق إكماله من 30 إلى 60 دقيقة اعتماداً على نوع الاختبار، وينبغي أيضاً تحديد وقت لمراجعة النتائج ووضع الخطوات التالية.
ما هي الجوانب السلبية لاختبارات القيادة؟
1. عدم وضع أهداف وتوقعات واضحة
يجب إبلاغ القادة بالهدف من إجراء الاختبار وليكن وضع خطط تطوير الموظفين أو اتخاذ قرارات الترقية مثلاً، وتوضيح سياسة مشاركة البيانات والتوقعات بعد إكمال الاختبار.
2. الاعتماد على نتائج الاختبار لتحديد نجاح أو فشل المرشحين
يكون الهدف من اختبار القيادة عند اختيار المرشَّحين للمناصب القيادية هو الحصول على بيانات إضافية إلى جانب بيانات الأداء الفعلي والمقابلات السلوكية. يمكن الاعتماد على نتائجه لوحدها عندما يكون عدد المرشحين كبير.
3. الاعتماد الكلي على نتائج الاختبار
لا يقيِّم اختبار القيادة سلوكات المرشحين اللازمة لنجاحهم في المناصب القيادية؛ بل يقدِّم فكرة عن معرفتهم أو آرائهم.
4. عدم وضع خطة بعد الاختبار
خاصة إذا كان الهدف منه التنمية والتطوير؛ لأنَّ القائد يستفيد فقط من المعلومات المرتبطة بنقاط قوته والجوانب التي تتطلب التطوير.
5. عدم تدريب المديرين على فهم تقارير نتائج الاختبار
يجب أن يتعلم المسؤولون عن التوظيف كيفية استخدام نتائج اختبار القيادة ولو أنَّها يجب أن تكون واضحة نسبياً، فمثلاً ينبغي أن يعرفوا كيفية استخدامها للحصول على مزيد من المعلومات من المرشحين في المقابلات، ومعرفة مدى تأثير النتائج في قرار توظيفهم. يجب معرفة كيفية استخدام النتائج لوضع خطط تطويرهم حتى بعد حصولهم على المنصب.
في الختام
توفر اختبارات القيادة نظرة شاملة عن المرشحين للمناصب القيادية، ممَّا يساعد على اختيار الأنسب بينهم، ولكن يجب إرفاق الاختبارات بأداة لتقييم سلوكاتهم.
يمكن استخدام المقابلات السلوكية للحصول على أمثلة ملموسة عن السلوكات السابقة للمرشحين، أو خوض تجربة واقعية مشابهة لتلك التي سيواجهونها عند تولِّي منصبهم القيادي، وذلك لتقييم مهاراتهم الحالية وجوانب التطوير.