English

المهارات الأساسية التي يجب أن يتمتع بها القادة في مجال التحول الرقمي (الجزء الأول)

يغير التحول الرقمي مسار المؤسسة؛ ولكن لا يتطلب ذلك استخدام تقنيات جديدة بقدر ما يتطلب إعادة تشكيل المعايير التشغيلية، وتشجيع الفِرق على اعتماد العناصر الرقمية في عملهم دوماً.

ويبقى السؤال: ما هي المهارات التي ينبغي أن يمتلكها القادة في مجال التحول الرقمي لتوجيه مؤسساتهم بنجاح؟ وكيف يمكن التأكد من أنَّ أسلوبهم القيادي يتوافق مع متطلبات العصر الرقمي؟

تكمن الإجابة في اكتساب بعض المهارات الضرورية للقيادة بنجاح في مجال التحول الرقمي مثل: القدرة على إلهام الآخرين، واستخدام السرد القصصي، والعمل بحزم، والمرونة.

ما هي القيادة في المجال الرقمي؟

تتطلب القيادة في المجال الرقمي اعتماد نهج استراتيجي، واكتساب مجموعة من المهارات اللازمة لتوجيه المنظمة بفعالية؛ حيث تتضمن مهام القائد الإشراف على الشبكات الرقمية والتسويق وتوجيهها بما يتوافق مع توجهات مجال العمل والتقدم التكنولوجي.

تقتضي المسؤولية الأساسية للقائد التأكد من أنَّ المؤسسة تقدم خدمة عملاء استثنائية، وتبني علاقات قوية مع الزبائن باستخدام الوسائل الرقمية، وهذا يتطلب غالباً قيادة الفِرق باستخدام القنوات والأدوات الرقمية. تشمل الكفاءات الأساسية التي يحتاجها القادة ما يلي:

  • الخبرة في التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
  • تطوير المواقع الإلكترونية.
  • التسويق عبر البريد الإلكتروني.
  • إدارة المنصات الرقمية الهامة الأخرى.

الهدف من القيادة في المجال الرقمي هو تحويل بيئة العمل في المنظمة إلى بيئة رقمية بالكامل، والتركيز على تحسين جودة الخدمات دوماً.

مبادئ القيادة في المجال الرقمي

تتضمن مبادئ القيادة في المجال الرقمي: المرونة، والمعرفة، والتأثير، والمصداقية، والابتكار، ويمكن تلخيص أهمية ودور كل واحدة منها على النحو التالي:

1. المرونة

ينبغي أن يتمتع القائد بقدرة كبيرة على التكيف مع التغيرات، ويتحلى بالمرونة اللازمة لاعتماد التكنولوجيا الحديثة، واتخاذ القرارات، ووضع الإستراتيجيات، لكي تنجح المؤسسة في مواكبة توجهات السوق، والتعامل مع ضغوطات المنافسة في قطاع العمل.

2. المعرفة

يجب أن يمتلك القائد معرفة واسعة ودقيقة في المجال الرقمي والقطاع الذي يعمل فيه، والتي تشمل فهم النظم البيئية الرقمية المعقدة، وتوقع توجهات السوق، والاستفادة من هذه المعلومات في اتخاذ القرارات الإستراتيجية، مما يضمن فهم المجال الرقمي وتأثيراته في العمل، وتوظيف هذه المعرفة في المبادرات الرقمية التي تطلقها الشركة.

3. التأثير

يستطيع القائد الفذ في المجال الرقمي تغيير وجهات النظر بما يتناسب مع رؤية المؤسسة حول التحول الرقمي؛ إذ من الهام أن يتمكن القادة من التأثير في أصحاب المصلحة داخل الشركة وخارجها لتحقيق التحول الرقمي.

يساعد هذا التأثير في بناء ثقافة تنظيمية تعتمد على التكنولوجيا الرقمية، وتحسِّن سمعة  الشركة في السوق الرقمي.

4. المصداقية

تعزز مصداقية القيادة ثقة الموظفين؛ حيث تنعكس هذه المصداقية في التزام القائد بقِيَم المنظمة وسعيه لاعتماد التكنولوجيا الرقمية في العمل، ليكون قادراً على إلهام الفِرق وتحفيزها، ونيل موافقتهم على المبادرات الرقمية، وبناء قاعدة عملاء تكنُّ الولاء للشركة.

5. الابتكار

يعمل القادة في المجال الرقمي على إرساء بيئة تشجع على الإبداع والابتكار، وذلك لضمان تطور المنظمة، والقدرة على المنافسة في سوق عمل يعتمد على التقدم التكنولوجي.

أهمية القيادة في المجال الرقمي

1. توسيع انتشار العلامة التجارية وزيادة الإيرادات

يؤدي القادة في المجال الرقمي دوراً هاماً في تعزيز انتشار المؤسسة؛ حيث يمكن الاستفادة من القنوات الرقمية في التواصل مع جمهور أوسع، والترويج للمنتجات والخدمات عالمياً، وتوفير فرص مميزة للتسويق والتفاعل الشخصي مع العملاء.

2. تسهيل عملية تغيير الثقافة التنظيمية

إنَّ الثقافة التنظيمية هامة في التحول الرقمي بقدر أهمية التكنولوجيا؛ إذ يتطلب هذا التحول تغيير الممارسات التجارية التقليدية، واعتماد نهج رقمي أكثر فعالية. يؤدي القادة دوراً هاماً في هذا التحول الثقافي، عبر إرساء بيئة تعطي الأولوية لكسب تفاعل العملاء، والابتكار في تقديم الخدمات.

3. زيادة الكفاءة والتحديث

تسهم الرقمنة في تبسيط العمليات في الشركة وزيادة كفاءتها. يوفر استخدام الحوسبة السحابية مثلاً الأمان، ويضمن تلقي التحديثات دورياً، ويسهل تحليل كميات كبيرة من البيانات. هذه الكفاءة هامة للغاية في عالم الأعمال اليوم؛ لأنَّ مرونة القائد وقدرته على الاستجابة للتغيرات تمنحه ميزة تنافسية.

4. التكامل الرقمي

تشمل الإستراتيجية الرقمية الفعالة رقمنة الأنشطة التجارية بأكملها، بدءاً من إدارة العمليات الداخلية، ووصولاً إلى طريقة التفاعل مع العملاء؛ إذ يضمن هذا النهج تحسين الحضور الرقمي للشركة، وبالتالي تعزيز تجربة العملاء.

5. تمكين العاملين من تحقيق التميز

ينبغي أن يعي القادة أهمية مشاركة الموظفين في عملية التحول الرقمي، وإنشاء بيئة عمل تشجع على التعلم والتجريب والتميز. تستطيع فِرق العمل المساهمة بفعالية في التحول الرقمي في المؤسسة عند تزويدها بالأدوات المناسبة، وإرساء الثقافة التنظيمية التي تشجع على الابتكار.

القائد في المجال الرقمي

يصعب تعريف القائد في المجال الرقمي؛ لأنَّ بنية القيادة الرقمية تختلف اختلافاً كبيراً من شركة إلى أخرى، وتتأثر باحتياجاتها وثقافتها ومجال العمل.

في بعض المؤسسات، يتولى "كبير مسؤولي المعلومات الرقمية" (CDO) أو "كبير مسؤولي التكنولوجيا" (CTO) زمام القيادة، ويشرف على جميع المبادرات الرقمية. ولكن، يؤدي هذا النهج أحياناً إلى حصر المسؤوليات الرقمية ضمن فئة محددة من الموظفين، وعزل باقي الأطراف.

الحل الأفضل هو توزيع المسؤوليات الرقمية بين مختلف المناصب، بحيث يضيف كل موظف وجهة نظره الفريدة للاستراتيجية الرقمية كما يلي:

  • يضع الرئيس التنفيذي (CEO) الإستراتيجية الرقمية الشاملة، بما يتوافق مع رؤية الشركة وأهدافها.
  • يتولى مدير أنظمة المعلومات (CIO) قيادة الجانب التنفيذي من التحول الرقمي، ويتأكد من توافق التطبيق التقني مع أهداف العمل.
  • يركز كبير مسؤولي المعلومات الرقمية (CDO) أو كبير مسؤولي التكنولوجيا (CTO) على تطوير المنتجات والخدمات باستخدام التقنيات الرقمية.
  • يضمن كبير مسؤولي العملاء أن تحسِّن المبادرات الرقمية تجربة العملاء، وتزيد رضاهم.
  • يشرف كبير مسؤولي أمن المعلومات (CISO) على الجانب الأمني للتحول الرقمي، ويعمل على إدارة المخاطر الرقمية وحماية الأصول.
  • يقود كبير مسؤولي التغيير (CTO) رقمنة العمليات، وتحويل سير العمل التقليدي إلى آخر رقمي.

القائد في المجال الرقمي

التحديات التي ترافق توزيع المسؤوليات الرقمية على القادة

على الرغم من أنَّ توزيع المسؤوليات الرقمية على القادة يأتي بوجهات نظر متنوعة، إلا أنَّه لا يخلو من التحديات، لذا من الضروري أن يتولى موظف معيَّن مهمة الإشراف على التحول الرقمي تجنباً لأي مشكلات أو فوضى.

وفي مثل هذه الأوضاع، قد تفشل المبادرات الرقمية أحياناً؛ بسبب تردد القادة خوفاً من تضييع وقتهم ومواردهم.

تحقيق التوازن المناسب

لا يخلو توزيع المسؤوليات على القادة ولا حصرها بيد موظف محدد من العيوب؛ لكن يجب إدراك أهمية نشر التكنولوجيا الرقمية في جميع جوانب المؤسسة؛ إذ لا ينبغي أن تكون مسؤوليات التحول الرقمي مقتصرة على قسم تكنولوجيا المعلومات؛ بل هي مهمة تقع على عاتق المؤسسة بأكملها، وتتطلب التزام جميع القادة وتعاونهم.

يعني هذا إذاً أنَّ مهارات القيادة الرقمية ضرورية، بغض النظر عن مدى مشاركة القادة في عملية التحول الرقمي.

السمات التي يجب أن يمتلكها قادة التحول الرقمي

ثمة سمات معينة عامة يجب أن يتمتع بها القادة الفعالون، بغض النظر عن القطاع الذي يعملون به، وما إذا كانت شركة تكنولوجيا عملاقة أو شركة ناشئة. تشمل هذه السمات: التعامل مع الآخرين، والتخطيط الاستراتيجي، والدقة في التوقيت، والخبرة التنظيمية. دعنا نستكشف كيف تؤدي هذه السمات القيادية دوراً في التحول الرقمي:

1. التفكير الاستراتيجي

يقتضي النجاح في القيادة الرقمية القدرة على وضع رؤية رقمية مقنعة، واستراتيجية فعالة تساهم في تحقيق التغيير والتحول الرقمي، وتوافق أصحاب المصلحة.

صياغة الرؤية والاستراتيجية الرقمية

يتطلب وضع هذه الرؤية التخطيط الدقيق والفهم العميق. فيما يلي كيفية صياغة وتطبيق الرؤية والاستراتيجية الرقمية بفعالية:

  • تقييم الوضع الحالي للمنظمة: يسهم هذا التقييم في رسم مسار واضح لتحقيق الأهداف الإستراتيجية.
  • تعريف النجاح: توضيح شكل النجاح الذي يجب أن تحققه المؤسسة، والذي يتطلب تحليل تكاليف هذا النجاح وعوائده، وتحديد المهارات والتقنيات اللازمة، وترتيب الأولويات، واختيار أفضل مسار لتحقيق النجاح.
  • صياغة خارطة طريق رقمية عالية المستوى: يتضمن ذلك تخطيط المبادرات على الأمد القصير والطويل، ووضع الأهداف، وتقييم التقدم. كما يجب أن توضح خارطة الطريق هذه تأثير الرؤية الرقمية، وأهدافها، وقيودها، وحدودها، والعمليات التي تؤدي إلى تحقيقها.

في الختام

تطرقنا في الجزء الأول من المقال إلى القيادة في المجال الرقمي ومبادئها وأهميتها، ثم تحدثنا عن القائد في المجال الرقمي، والتحديات التي ترافق توزيع المسؤوليات الرقمية على القادة، بالإضافة إلى سمة من السمات التي يجب أن يمتلكها قادة التحول الرقمي، وسنكمل الحديث في الجزء الثاني والأخير منه عن 4 سمات أخرى.

آخر المقالات

كن على اطلاع بأحدث الأخبار

اشترك الآن لتحصل على أحدث المقالات والأبحاث والمنتجات التي تجعلك أقوى من أي وقت مضى