تنمِّي عملية تطوير القادة المهارات اللازمة لتعزيز فاعلية دور القائد في المنظمة، وذلك بهدف استقطاب المواهب والاحتفاظ بها، فقد تبيَّن أنَّ تدنِّي كفاءة القائد هو السبب الكامن خلف قرابة ثلث طلبات الاستقالة المُقدَّمة خلال الأشهر الأولى من مباشَرةِ العمل.
يميِّز تطوير القادة أيضاً المؤسسة عن المنافسين، ويزيد الأرباح، ويُحسِّن استراتيجية العمل، ويساعد على التكيُّف مع التغيرات الجذرية في القطاع.
أهمية تطوير القادة في نجاح الأعمال
تعتمد المؤسسات على الكوتشينغ والمنتورينغ في برامج التطوير القيادي بهدف تحسين استراتيجية إدارة المواهب العاملة ضمنها، وقد أثبتت هذه التقنيات فعاليتها في تلقين المهارات التي يحتاج إليها القادة لتحقيق الأهداف التجارية وتعزيز اندماج الموظفين في العمل.
تُستخدَم برامج الكوتشينغ والمنتورينغ مع مجموعة متنوِّعة من المهارات والمسؤوليات القيادية، لكنَّها تطوِّر في غالب الأحيان مهارات التواصل، والوعي الذاتي، وتُنجِز مهام العمل، فغالباً ما يخلط الناس بين مفهومَي "الكوتشينغ" و"المنتورينغ" رغم الاختلافات الجوهرية بين النهجَين، ممَّا يؤدي إلى هدر الكثير من الوقت والموارد على استراتيجية تفشل في تحقيق الأهداف المرجوَّة، وبناءً على ما سبق، تناقش الفقرة التالية الاختلافات بين الكوتشينغ والمنتورينغ.
ما هو الكوتشينغ؟
الكوتشينغ هو نهج تطوير قيادي يركِّز على الأداء، ويتضمَّن عادةً علاقة رسمية فردية بين القائد والكوتش، ويركِّز الكوتشينغ على مهارات أو أهداف محدَّدة، فيشيع استخدام نموذج "غرو" (GROW) مثلاً لمساعدة الأفراد في تحديد الأهداف وتحقيقها، وهو اختصار للكلمات الآتية:
1. الهدف (Goal)
الخطوة الأولى في نموذج "غرو" هي تحديد هدف واضح ودقيق، ممَّا يعني أنَّ الكوتش والمتلقِّي يجب أن يتَّفقا على الهدف، وسبب أهميته، ويرسما مسار النجاح.
2. الواقع (Reality)
تقيِّم الخطوة الثانية الوضع الراهن من خلال النظر في ظروف الفرد، ومهاراته، ومعلوماته، وموارده الحالية، وهي تحدِّد العوائق والمشكلات التي تمنعه من تحقيق أهدافه.
3. الخيارات (Options)
يقيِّم الكوتش ومتلقِّي الكوتشينغ في هذه المرحلة الخيارات والاستراتيجيات التي يمكن استخدامها في تحقيق الهدف، وتركِّز هذه المرحلة على التفكير الإبداعي وتقييم الاحتمالات الممكنة.
4. الإرادة (Will)
تحدِّد الخطوة الأخيرة دافع الفرد والتزامه بتحقيق الهدف، وتحدِّد أية صعوبات محتملة، وتضع خطة للتغلب عليها، بالإضافة إلى وضع إطار زمني لمراحل العمل، وتحديد الإجراءات اللازمة لتحقيق الهدف النهائي.
إنَّ نموذج "غرو" هو أداة بسيطة وفعالة لتقديم الكوتشينغ وتحقيق أهداف المتلقِّي، فهو يضمن أن يكون الهدف واضحاً ومحدَّداً، وأنَّ المتلقي يدرك واقعه الحالي، والخيارات المتاحة أمامه، ويبدي التزامه بتحقيق الهدف.
بالمقارنة مع المنتورينغ، عادة ما يكون الكوتشينغ أكثر كثافة، ويُقدَّم خلال فترة زمنية محدَّدة، ويركِّز الكوتش على تجربة القائد، ويحدِّد له المهارات التي تنقصه وأهداف المرحلة المقبلة من حياته.
ما هو المنتورينغ؟
المنتورينغ هو علاقة غير رسمية ومدتها مفتوحة أكثر، تنمِّي المهارات القيادية، فبدلاً من التركيز على فجوات محدَّدة في المهارات وأهداف الأداء، يقدِّم المنتورينغ مجموعة أوسع من المهارات القيادية التي تتطور على مدار عدة سنوات.
فيما يأتي نموذجين شائعَين في مجال المنتورينغ:
1. نموذج المنتورينغ التقليدي (The Traditional Mentoring Model)
يقتضي هذا النموذج تكليف موظف خبير (منتور) بتقديم التوجيهات، والنصائح، والدعم لموظف آخر أقل خبرة منه (متلقِّي المنتورينغ) ضمن إطار علاقة فردية، فيمثِّل المنتور قدوة يُحتذى بها، ويطوِّر له المعرفة والمهارات وشبكة العلاقات التي يحتاجها ليكون ناجحاً في حياته المهنية.
2. نموذج منتورينغ الأقران (The Peer Mentoring Model)
يتضمَّن هذا النموذج جمع شخصين مستوى الخبرة لديهما مماثل (أي أقران) للعمل معاً بصفتَي منتور ومتلقِّي منتورينغ، ويعزز هذا النموذج الشعور بروح الجماعة والتعاون بين الموظفين، ويطوِّر مهارات جديدة ويُنشِئ شبكات العلاقات.
يعتمد اختيار النموذج على احتياجات المؤسسة والهدف من برنامج المنتورينغ، ويجب التأكُّد أنَّ النموذج مدعوم وموضَّح ومنظَّم بإتقان، ويتوافق مع أهداف المنظمة وثقافتها.
الاستراتيجية المناسبة لتطوير القادة
تعتمد الاستراتيجية المناسبة لتطوير القادة على الأهداف؛ لذا قبل اختيار استراتيجية المنتورينغ أو الكوتشينغ، ضع في الحسبان الصعوبات التي تواجهها المؤسسة والمهارات القيادية التي لا تظهر بما يكفي، فإذا واجَهَ قادة المؤسسة صعوبات تتعلق بالأداء، فسيستفيدون من الكوتشينغ في جوانب الأداء ذات الصلة، فادمِج أيضاً الكوتشز المدرَّبين وذوي الخبرة والمؤهلات الكافية في مجال أدائهم.
أمَّا استراتيجية المنتورينغ، فهي تناسب القادة الذين يحتاجون إلى توجيه مستمر للتعامل مع مجموعة متنوعة من الصعوبات القيادية، بدلاً من صعوبات الأداء العاجلة، ولكن تستفيد عدد من المؤسسات من حلول مخصَّصة تجمع بين الكوتشينغ وفق الحاجة وعلاقات المنتورينغ طويلة الأمد.
في الختام
يترك الموظفون العمل في الشركات بسبب الإدارة غالباً، وتتطلب التحديات الجديدة، مثل حالة الاستقالة الكبرى وازدياد عمل الموظفين عن بُعد والتضخم، استخدام استراتيجيات قيادة قوية لنجاح الشركات.
يُعدُّ المنتورينغ والكوتشينغ من الأساليب المفيدة لتنمية المهارات القيادية، لكن يعالج كلٌّ منهما احتياجات مختلفة؛ لذا قبل الاستثمار في استراتيجية منها، اجرِ بحثاً لتحديد ما إذا كان الكوتشينغ أو المنتورينغ يدعم أهداف المؤسسة.