English

3 ضغوطات يعاني منها القادة في العصر الحديث

تشهد مسؤوليات ووظائف القادة في الوقت الحالي تغيُّرات متسارعة وغير مسبوقة، بدءاً من إدارة الفِرَق الهجينة إلى تطبيق التطورات التكنولوجية الحديثة، مثل أدوات "الذكاء الاصطناعي" (AI).

يواجه عدد من هؤلاء القادة صعوبة كبيرة في متابعة التطورات والتغيرات الجارية، وقد أكَّد 50% فقط من القادة المشاركين في أبحاث شركة "مكنزي وشركاؤه" (McKinsey & Company) أنَّ مؤسساتهم مُهيَّأة للتعامل مع التقلُّبات والتحولات التي يمكن أن تحدث في المستقبل، كما بيَّنت نتائج أحد استطلاعات شركة "أليكس بارتنرز" (AlixPartners) أنَّ 59% من المدراء التنفيذيين قلقون من خسارة وظائفهم نتيجة هذه التغيُّرات.

لا يقتصر تقديم الدعم على القادة الجدد؛ بل يمكن أن يستفيد المدير التنفيذي الخبير من التوجيه في مواكبة التغييرات ومساعدة بقيَّة الموظفين على التعامل معها، ويحتاج القائد لوجود خبير موثوق يستشيره قبل اتخاذ القرارات المصيرية. حيث يُعدُّ الكوتشينغ من أبرز الوسائل المتوفِّرة لمساعدة القادة على اكتساب المهارات الجديدة وتطبيقها، ومواكبة تغيُّر توجُّهات السوق، والاستعداد لتولِّي مناصب عليا وحسَّاسة في الشركة.

تعريف الكوتشينغ القيادي

يمكن تعريف الكوتشينغ القيادي على أنَّه عملية يجري خلالها عقد جلسات فردية بين قائد مبتدئ أو متمرِّس، وكوتش خبير ومُعتمَد، وذلك لِتقديم الدعم والتوجيه اللازم لمساعدة القادة على التعامل مع التحديات التجارية، وتطوير مهاراتهم وكفاءاتهم، وتحقيق أهدافهم المهنية. يمكن الاعتماد على الكوتش في الحصول على تغذية راجعة دورية عن سير المشروعات على أرض الواقع، وتوجيه القادة عبر مشاركة التجارب الشخصية.

يمكن الاستفادة من الكوتشينغ في الحفاظ على القادة، وتعزيز اندماجهم، وتحسين أدائهم نظراً لتنوع استخداماته وإمكانية تخصيص تطبيقاته للاحتياجات الفردية، وقد بيَّنت تقارير "مؤسسة الكوتشينغ" (Institute of Coaching) أنَّ برامج الكوتشينغ ساعدت أكثر من 70% من القادة على تحسين أدائهم، وعلاقاتهم، وجودة تواصلهم، كما تنجح الأغلبية الساحقة من الشركات في تعويض تكاليف الاستثمار في برامج الكوتشينغ.

الضغوطات التي يتعرَّض لها القادة في العصر الحديث

يعتمد نجاح القائد على تحقيق التوازن بين احتياجات الموظفين، وأهداف المؤسسة، والظروف التي تتحكم في قطاع العمل، فيفرض كل واحد من هذه العناصر مجموعة من الضغوطات والصعوبات.

تزداد شدة الضغوطات الواقعة على عاتق القائد في ظلِّ التغيُّرات المستمرة التي يشهدها قطاع الأعمال في الوقت الحالي، ممَّا يفرض عليه مهمَّة السعي المستمر والدؤوب لتحسين مهاراته وتطويرها.

فيما يأتي 3 ضغوطات يتعرض لها القائد في العصر الحديث:

1. إدارة المواهب

أكَّدت نتائج التقرير الصادر عن "جمعية إدارة الموارد البشرية" (SHRM) في عام 2024 أنَّ أكثر من 77% من خبراء الموارد البشرية يواجهون صعوبة في ملء الشواغر التي تتطلب العمل بدوام كامل، كما لوحِظَ تفاقم أزمة نقص المهارات مع انتشار تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي تمهِّد لحدوث نقلة نوعية في طبيعة المهارات والمؤهِّلات المطلوبة في بعض الوظائف.

فيما يأتي 3 تحديات يواجهها القادة نتيجة هذه التغيرات النوعية:

  • انخفاض معدَّل استبقاء الموظفين واندماجهم: يرفع القائد مستوى اندماج الموظفين ومعدَّل استبقائهم في الشركة عندما يتحلَّى بالتعاطف، ويوضِّح لهم الأهداف واستراتيجيات العمل الموضوعة.
  • نقص المهارات: يحتاج القائد لاكتساب المهارات التي تؤهِّله لتطبيق ممارسات الكوتشينغ، وتطوير مهارات الموظفين، والتوفيق بين أهداف المؤسسة ومتطلبات تنمية مؤهِّلات فريق العمل.
  • تنوُّع الأجيال: تضمُّ القوى العاملة في الوقت الحالي 5 أجيال من الموظفين، ممَّا يفرض على عاتق القائد مسؤولية التعامل مع اختلاف الأهداف، وأنماط التواصل، وأساليب العمل من أجل بناء فِرَق مترابطة وعالية الأداء.

2. الضغوطات التنظيمية

تتعرَّض المؤسسات لتغيُّرات نوعية تفرض على عاتق القائد مجموعة من التحديات، ويُذكَر منها ما يأتي:

2.1. إدارة الفِرَق الهجينة

تنتقل عدد من المؤسسات إلى نظام العمل الهجين أو العمل عن بُعد، ممَّا يفرض على القائد مهمَّة اكتساب المهارات اللازمة لتحسين الأداء ونشر ثقافة الشركة بين الفِرَق العاملة من مناطق جغرافية مختلفة.

2.2. تسريح الموظفين

تلجأ عدد من المؤسسات لإعادة هيكلة القوى العاملة فيها، أو تسريح الموظفين، أو تطبيق إجراءات الاندماج والاستحواذ استجابةً للتغيُّرات والتقلبات غير المحسوبة في قطاع الأعمال التجارية، ولقد شهِدَ شهر شباط (فبراير) في عام 2024 أعلى معدَّل تسريح شهري منذ عام 2009، وهو ما يفرض على عاتق القائد مهمَّة إدارة هذه الفترات العصيبة، والاهتمام بالحالة العاطفية والانفعالية للموظفين.

2.3. التغيُّرات في قطاع الأعمال التجارية

غيَّرَت التطورات التكنولوجية إجراءات العمل ضمن الشركات، ممَّا يفرض على عاتق القائد مهمة الإشراف على هذه النقلة النوعية ومساعدة فِرَق العمل على استخدام الأدوات الحديثة وتحقيق النتائج المرجوَّة.

3. ضغوطات السوق

يعاني القادة أيضاً من الضغوطات الناجمة عن تقلُّبات السوق، ممَّا يؤثر في سير العمل في المؤسسات، ويُذكَر من هذه الضغوطات ما يأتي:

3.1. التقلُّبات الاقتصادية

مازالت المؤسسات تعاني من تداعيات جائحة "كوفيد-19" (Covid-19)، كما أنَّها تواجه صعوبة في تقدير قيمة الإيرادات بسبب المخاوف من حدوث أزمة اقتصادية مستقبلية. يجب أن يتمتَّع القائد بمقدرة بارزة على تقييم المخاطر واتخاذ قرارات استراتيجية مناسبة لمواجهة التقلُّبات الاقتصادية المحتملة.

3.2. التغيُّرات التكنولوجية

لقد أثَّر الذكاء الاصطناعي في إجراءات العمل في الشركة، ولكن تكمن المشكلة في عدم فهم القادة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي وكيفية الاستفادة منها في تحسين سير العمل في الشركة.

أكَّدت مجلة "إم آي تي سلون مانجمينت ريفيو" (MIT Sloan Management Review) أنَّ نسبة 8% فقط من المدراء التنفيذيين في الولايات المتحدة الأمريكية، يمتلكون معلومات كافية عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي، لذا، يجب تشجيع القادة على استكشاف العمليات، والمنتجات، والخدمات التي تعتمد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

أهمية التعلم والكوتشينغ في تطوير مهارات القادة

يجب أن تتضمَّن استراتيجيات تطوير القادة برامج كوتشينغ وتعلُّم مصمَّمة خصيصاً لتلبية الاحتياجات المطلوبة من أجل تحسين جودة النتائج المُحرَزة.

يختص الكوتش بمساعدة القائد على المناحي التالية:

  • المساءلة: يُحرِز الكوتش القائد التقدُّم ويُحقِّق أهدافَ خطط التطوير القيادي.
  • التطبيق: مساعدة القائد على تطبيق المفاهيم وأُطر العمل من أجل تحقيق نتائج مباشرة وعملية من برامج الكوتشينغ.
  • تحديد ثغرات المهارات: تحديد الإمكانيات والمهارات التي تنقص القادة واقتراح برامج تدريب مخصَّصة لردم هذه الثغرات.

تحسِّن برامج التعلم والكوتشينغ النتائج وتزيد العائد على الاستثمار، وقد بيَّنت نتائج أبحاث شركة "إكسيك أونلاين" (ExecOnline) أنَّ برامج الكوتشينغ تساعد القادة على تحقيق النتائج التالية:

  • زيادة الجهود المبذولة في العمل بنسبة 30%.
  • زيادة القدرة على تطبيق المعلومات المكتسبة في العمل بنسبة 50%.
  • زيادة ملحوظة في مستوى الأداء بنسبة تبلغ قرابة 100%.
  • زيادة الرضى عن استثمارات الشركة بمبادرات التطوير قرابة 30%.

أهمية التعلم والكوتشينغ في تطوير مهارات القادة

تطبيق الكوتشينغ في الأوقات الحرجة

لا يوجد حلول كوتشينغ موحَّدة وصالحة لكافة المشكلات؛ بل يجب تخصيص البرامج بناءً على مهارات القائد، وأهدافه، ومسيرته المهنية. تبرز فعالية الكوتشينغ خصيصاً عند تطبيقه خلال المراحل الانتقالية الحرجة من مسيرة القائد، وفيما يأتي 4 أمثلة عن المراحل الانتقالية التي تستلزم تطبيق برامج الكوتشينغ:

1. التجربة الإدارية الأولى:

يستفيد القائد في تجربته الإدارية الأولى من خدمات الكوتشينغ في تطوير قدرته على التواصل مع فريق العمل، ووضع الاستراتيجيات اللازمة لتحقيق أهداف المؤسسة، وإنجاز المشروعات رفيعة المستوى.

2. تأهيل المرشَّحين للمناصب القيادية:

يمكن أن يساعد الكوتش على تأهيل المرشحين المؤهلين لتولِّي المناصب القيادية نتيجة أدائهم الاستثنائي ومهاراتهم المميَّزة. يمتلك هؤلاء المرشَّحون مقوِّمات تؤهِّلهم لتحقيق النجاح في مناصبهم الجديدة، ولكنَّهم يحتاجون لبعض التوجيه، والدعم، والاستعداد للمرحلة التالية من مسيرتهم المهنية.

3. التعاقب الوظيفي:

يجب أن تُعِدَّ الشركة مخطَّط تعاقب وظيفي من أجل تأهيل الموظفين لملء الشواغر القيادية وضمان سلاسة سير العمل. يؤدي الكوتش دوراً محورياً في تأهيل الموظفين وتهيئتهم لتولِّي المناصب القيادية الحسَّاسة في الشركة.

4. التعامل مع الابتكارات والتغييرات والأزمات:

يحتاج القائد لدعم الكوتش للتعامل مع التغييرات النوعية في عملية الإنتاج، أو بنية الشركة، وعند مواجهة الأزمات.

اختيار الكوتش المناسب

تدرك المزيد من المؤسسات حاجتها لتطبيقات الكوتشينغ، ممَّا أدى إلى تنامي قطاع الكوتشينغ القيادي، وقد بيَّنت تقارير "الاتِّحاد الدولي للكوتشينغ" (International Coaching Federation) أنَّ عدد الكوتشز الممارسين ارتفعَ بنسبة تبلغ 54% بين العامين 2019 و2022، في حين ارتفعَت نسبة الحائزين على الشهادات ووثائق الاعتماد من 74% إلى 85% بين العامين.

يجب فهم المستويات المختلفة للشهادات التي تقدِّمها المؤسسات المانحة للاعتماد، مثل "الاتحاد الدولي للكوتشينغ"، والحرص على اختيار كوتش يمتلك خبرة سابقة في العمل مع القادة لكي يساعدهم على الأوقات الحرجة.

في الختام

يجب أن يكون القائد مؤهَّلاً للتعامل مع التحديات التي تؤثر في فِرَق العمل، والمؤسسة، والقطاع. يمكن الاستفادة من برامج الكوتشينغ المخصَّصة في الحصول على الدعم والتوجيه اللازم لمواكبة هذه التغيُّرات النوعية وقيادة أعضاء الفريق خلال الفترات الحرجة. تحسِّن برامج التعلم والكوتشينغ جودة النتائج وتؤهِّل القادة لتحقيق أهدافهم الشخصية والمهنية والاستعداد لمواجهة التقلُّبات والتحديات المستقبلية بثقة.

آخر المقالات

كن على اطلاع بأحدث الأخبار

اشترك الآن لتحصل على أحدث المقالات والأبحاث والمنتجات التي تجعلك أقوى من أي وقت مضى