English

أثر التدريب على تطوير القيادة في المنظمات

يعدُّ تطوير القيادة حافزاً قوياً يعزز معنويات الموظفين وتفاعلهم وأدائهم، كما أنَّه يدعم النمو المهني والشخصي، ويعزِّز بيئة عمل ديناميكية، وبالنسبة إلى أرباب العمل، يعد هذا استثماراً مفيداً يؤدي إلى تحسين الاحتفاظ بالموظفين وتخطيط التعاقب والتعاون والأرباح.

باختصار، تدريب وتطوير القيادة هو عرض مربح للطرفين يستفيد منه كل من الموظفين وأرباب العمل على حدٍّ سواء، وفي هذا المقال، نستكشف قوة تطوير القيادة وقدرتها على تعزيز مهارات الموظفين في مختلف المناصب أو المراحل المهنية.

التدريب على القيادة: أداة لجميع المراحل المهنية

قد يظن بعض الأشخاص أنَّ برامج تطوير القيادة في الشركات مفيدة فقط لمن يشغلون مناصب قيادية، ولكن في الواقع، يمكن للأفراد في مختلف المناصب والمراحل المهنية الاستفادة بشكل كبير من هذه البرامج التدريبية.

فيما يأتي أربع فئات من المهنيين الذين غالباً ما يحققون مكاسب ملحوظة من خلال المشاركة في برامج تطوير القيادة:

1. المهنيون في المراحل المبكرة والمتوسطة من مسيرتهم المهنية

يمكن للمهنيين في المراحل المبكرة أو المتوسطة من مسيرتهم المهنية، والذين يعملون حالياً بصفتهم مساهمين فرديين أو متخصصين في إداراتهم أو منظماتهم، أن يستفيدوا من التدريب على القيادة، وهذا ينطبق تحديداً على أولئك الذين يطمحون للانتقال إلى مناصب إدارية أو قيادية ولكنَّهم غير متأكدين من المسار الصحيح.

من خلال المشاركة في التدريب على القيادة وصقل مهارات القيادة بشكل فعال، فإنَّك تجهز نفسك للتقدم عندما تسنح الفرصة، ولقد وجدت دراسة حديثة أنَّ 70% من الرؤساء التنفيذيين يعتقدون أنَّ المهارات القيادية القوية ضرورية للتقدم الوظيفي على جميع المستويات، وليس فقط للإدارة العليا.

بالمثل، قد يكون التدريب على القيادة مفيداً للأفراد الذين لا يشغلون مناصب قيادية ولكنَّهم يتولون أحياناً مهاماً ومسؤوليات إدارية، على سبيل المثال، قد لا يحمل مديرو المشاريع لقباً قيادياً محدداً، ولكنَّهم غالباً ما يؤدون وظائف إدارية ويتخذون قرارات تؤثر في مسار فريقهم.

لذلك يمكن للتدريب على القيادة أن يساعدهم على تطوير المهارات المفيدة في هذه المواقف، حتى لو لم تكن لديهم خطة لمتابعة مسار قيادي تقليدي، فيتعلق الأمر بتزويد الأشخاص بالأدوات التي يحتاجون إليها للقيادة بفاعلية، كلما تطلب الموقف ذلك.

2. القادة الجدد

في العديد من المنظمات الراسخة، يتبع المسار إلى المناصب القيادية هيكلاً هرمياً محدداً، وهذا يتطلب من المرشحين استيفاء معايير تعليمية وخبرات معينة لكي يتولوا منصباً قيادياً، وعلى النقيض من ذلك، في المجالات الديناميكية والسريعة للكيانات الأصغر أو الشركات الناشئة، قد يكون الوصول إلى مناصب القيادة أقل قابلية للتنبؤ وأكثر اعتماداً على الفرص.

هنا، يمكن أن تدفع العوامل مثل الشغف والرؤية والقدرة على التكيف بالأفراد إلى مناصب قيادية، حتى لو لم تتضمن سيرهم الذاتية الخبرات القيادية التقليدية.

يستفيد أولئك الذين يجدون أنفسهم في مناصب قيادية بشكل مفاجئ من برامج تطوير القيادة السابقة استفادة كبيرة، فتوفر هذه البرامج المهارات الأساسية لقيادة فريقك بثقة، والتعامل مع تعقيدات مسؤولياتك الجديدة ببراعة.

يمكن لبرامج تطوير القيادة أن تُحدِث تأثيراً ملحوظاً في القادة الجدد، فقد أظهرت دراسة أنَّ المشاركين في برامج تطوير القيادة شهدوا تحسناً بنسبة 36% خلال فترة قصيرة لا تتجاوز ستة أشهر.

3. رواد الأعمال الطموحون

بالنسبة إلى رواد الأعمال الطموحين، فإنَّ الرحلة تبدأ غالباً بالعمل الحر، وهو مجال يكون فيه التركيز الأساسي على الإدارة الذاتية، ولكن، بمجرد أن ترحب بأول عضو في فريقك، يحدث تحول، فيتوسع دورك ليتجاوز التوجيه الذاتي ليشمل رعاية الآخرين.

يمثل هذا التحول المحوري تطور مشروعك من مجرد مسعى فردي إلى مشروع تعاوني، ونتيجة لذلك يصبح صقل قدراتك القيادية أمراً ضرورياً، فإنَّ المشاركة في التطوير الشامل للقيادة ليس مجرد استثمار في النمو الشخصي، بل خطوة استراتيجية نحو إنشاء بيئة أعمال مزدهرة.

يعد التدريب على القيادة حجر الأساس للنجاح في ريادة الأعمال، فهو يزوِّدك بمجموعة أدوات لتعزيز ثقافة التميز، ودفع أداء الفريق، والتعامل مع تعقيدات إدارة الأشخاص، وبشكل أساسي، فإنَّه يجهزك لإدارة الفريق، ولإلهام وقيادة فريق عالي الكفاءة نحو النجاح الجماعي.

بحسب تقرير مراقبة ريادة الأعمال العالمي (Global Entrepreneurship Monitor) لعام 2023، حددت 70% من الشركات الناشئة ذات النمو المرتفع مهارات القيادة والإدارة بوصفها عوامل حاسمة في نجاحها.

4. الشركات والمنظمات

في مجال نمو الشركات وإدارة المواهب، تدور نقاشات مستمرة حول التوظيف الخارجي والترقية الداخلية للمناصب القيادية، ففي حين أنَّ البحث عن المواهب الخارجية له ميزاته، إلا أنَّ المزايا الاستراتيجية للترقية الداخلية مقنعة جداً.

قد تكون الترقية من داخل الشركة أجدى اقتصادياً، فتُلغي الحاجة إلى عمليات البحث المكثفة وتقلل من تكاليف إعداد الموظفين، فيحمل الموظفون الذين تتم ترقيتهم إلى مناصب جديدة معهم معرفة مؤسسية كبيرة، والتي يمكن أن تقلل بشكل كبير من منحنى التعلم وتسرِّع انتقالهم إلى المناصب القيادية.

للاستفادة من هذه المزايا، من الضروري للمنظمات أن تعزز ثقافة التعلم المستمر وتطوير المهارات، وتعد برامج التدريب على القيادة حجر الأساس في هذا المسعى، فهي تزود الموظفين بالكفاءات اللازمة للتميز في المناصب الأعلى، إضافة إلى ذلك، تلقى هذه المبادرات استحسان القوى العاملة، وهذا يعزز الولاء والرضى الوظيفي.

تشير الأبحاث إلى أنَّ 94% من الموظفين يميلون أكثر إلى البقاء في منظمة تستثمر بشكل واضح في تطوير مسيرتهم المهنية.

باختصار، من خلال رعاية المواهب الداخلية وتوفير مسارات للتقدم، لا تحسِّن الشركات كفاءتها التشغيلية فحسب، بل تبني أيضاً مجموعة قوية من القادة المتحمسين، الجاهزين لتوجيه المنظمة نحو النجاح المستقبلي.

فوائد التدريب على القيادة: الاستثمار في مستقبل مؤسستك

التدريب على القيادة ليس مجرد موضة عابرة، بل استثمار استراتيجي في أهم أصول منظمتك؛ أي موظفوها، وفيما يأتي كيف يمكن للتدريب الفعال على القيادة أن يفيد عملك:

1. زيادة معدلات الاحتفاظ بالموظفين

دوران العمالة مشكلة مكلفة جداً، فقد وجد تقرير صادر عن معهد العمل (Work Institute) عام 2023 أنَّ 47% من القوى العاملة يتركون وظائفهم طوعاً خلال السنة الأولى، وغالباً ما يشيرون إلى نقص فرص النمو بوصفه سبباً رئيساً.

يمكن لبرامج التدريب على القيادة سد هذه الفجوة من خلال تزويد الموظفين بالمهارات اللازمة للتقدم داخل شركتك، ومن خلال الاستثمار في تنميتهم، فإنَّك تُظهر التزامك بنجاحهم على الأمد الطويل، وهذا يقلل في النهاية من دوران العمالة والتكاليف المرتبطة به.

2. تحقيق الادخار من خلال الاحتفاظ بالموظفين

دوران العمالة مكلف جداً، بحسب جمعية إدارة الموارد البشرية (Human Resource Management)، يمكن أن تصل تكلفة استبدال الموظف إلى 33% من راتبه السنوي، وتتجاوز هذه التكاليف التوظيف والتدريب؛ لذا ضع في حسبانك أيضاً التأثير في إنتاجية الفريق والفجوات المعرفية التي تنشأ عند مغادرة الموظفين ذوي القيمة.

توفر أفضل برامج تطوير القيادة للموظفين المهارات القيِّمة، وتسهم في إنشاء ثقافة إيجابية داخل الشركة، وهذا يقلل من دوران العمالة ويعزز أداءك المالي.

3. بناء ثقافة النمو

تؤدي ثقافة الشركة دوراً حاسماً في رضى الموظفين والاحتفاظ بهم، فوجد تقرير لشركة جالوب (Gallup) لعام 2022 أنَّ 21% فقط من الموظفين يشعرون بالاندماج القوي في العمل، فعندما يشعر الموظفون بالركود وعدم وجود فرص للتقدم، يكونون أكثر ميلاً للمغادرة.

ترسل برامج التدريب على تطوير القيادة، إلى جانب مبادرات المنتورينغ وسداد الرسوم الدراسية، رسالة واضحة بأنَّك تقدر موظفيك ونموهم المهني، وهذا يعزز ثقافة التعلم والاندماج، وهذا بدوره يؤدي إلى قوة عاملة أكثر سعادة وتحفيزاً.

4. تعزيز الاندماج لتحسين الأداء

يؤدي عدم اندماج الموظفين إلى انخفاض الإنتاجية وفقدان الفرص، بينما يؤدي تنفيذ برامج تطوير القيادة مع توفير خيارات التعلم المرنة إلى إحداث تغيير إيجابي.

من خلال تزويد الموظفين بالمهارات العملية وتعزيز تبادل المعرفة، يمكنك زيادة الاندماج والرضى الوظيفي، وهذا يؤدي إلى منظمة أكثر إنتاجية ونجاحاً.

5. إثارة أفكار جديدة من خلال التعلم

من المرجح أن تقوم المنظمات التي تعطي الأولوية للتعلم المستمر بتعزيز الابتكار، فيمكن لبرامج التدريب على القيادة التي تشجع التعاون والمناقشات المفتوحة أن تشعل شرارة الإبداع داخل فريقك، ومع تطوير الموظفين لمهاراتهم القيادية والإدارية، يصبحون مؤهلين للتفكير بشكل استراتيجي، وتحديد فرص التحسين، والتكيف مع التحديات المستقبلية، فيوفر هذا التركيز على النمو المستمر بيئة مزدهرة تمكِّن موظفيك من طرح أفكار جديدة والتفوق.

في الختام

دورات أو ورش عمل التدريب على تطوير القيادة ليست مجرد نفقات، بل هي استثمار في مستقبل منظمتك، من خلال إعطاء الأولوية لنمو موظفيك، فإنَّك تبني قوة عاملة أكثر مهارة واندماجاً وإبداعاً، وهذا يدفع نحو النجاح المستدام على الأمد الطويل.

آخر المقالات

كن على اطلاع بأحدث الأخبار

اشترك الآن لتحصل على أحدث المقالات والأبحاث والمنتجات التي تجعلك أقوى من أي وقت مضى