English

4 خطوات أساسية لتنمية الوعي الذاتي عند القائد

يحكى العديد من القادة والأشخاص الملهمين عن القرارات الغريزية التي غيرت حياتهم، ولكن هل يمكن الاعتماد على الحدس في اتخاذ القرارات المصيرية؟ يمكن الاعتماد على الحدس عند اختيار نوع السيارة مثلاً، ولكن يحظى الوعي الذاتي والمنطق السليم بالأولوية عند اتخاذ القرارات المصيرية.

يتيح الوعي الذاتي للفرد إمكانية إدراك تأثير التوقعات، والافتراضات، والتحيزات، والمعتقدات المترسخة في عقله الباطن على قراراته وسلوكياته، وتحديد نقاط قوته وضعفه، والمعلومات التي تنقصه، والبيانات التي يحتاج إليها لاتخاذ القرار المناسب. يمكن أن يتخذ المدير التنفيذي الواعي قرارات سريعة لكنَّها تكون مبنية على البيانات، وتأخذ بعين الاعتبار الدوافع الشخصية، ووجهات نظر أصحاب المصلحة، وظروف العمل.

بيَّنت نتائج الأبحاث العلمية أنَّ الوعي الذاتي يُعدّ من أبرز مقوِّمات نجاح القائد، وهو مسؤول عن تفاوت مستوى فعالية العمل بين القادة بنسبة 30%. إنَّ الإنسان الذي يفهم ذاته ويدرك تأثيره على الآخرين يتمتع بمهارات قيادية بارزة ومستويات سعادة عالية.

عوائق الوعي الذاتي

يمكن أن يواجه الفرد صعوبة في الحفاظ على وعيه الذاتي، وقد تزداد الأمور سوءاً مع ترقّي القائد خلال مسيرته المهنية. كشف أحد الأبحاث المنشورة في مجلة "هارفارد بزنس ريفيو" (Harvard Business Review) أنَّ عدداً كبيراً من القادة يدَّعون إتقان مهارة الوعي الذاتي، ولكن يتمتع القليل من الأفراد بنسبة تُقدَّر بحوالي 10-15% بهذه المهارة.

يقل مستوى إدراك القائد لفرضياته الشخصية وأحكامه المسبقة، وتقبله لوجهات النظر المختلفة، كما يزداد اعتماده على معرفته الشخصية مع مرور الوقت وخوض المزيد من التجارب.

تشكل التحيزات غير الواعية عائق أمام الوعي الذاتي، إذ يمتلك جميع الناس من دون استثناء تحيزات تتطور إلى تصنيفات، وافتراضات، ومقارنات تؤدي إلى ترسيخ هذه الأحكام المسبقة. تتفاقم الحالة عندما يعجز القائد عن مواجهة التحيز والتعامل معه مما يؤدي إلى إصدار المزيد من الأحكام والقرارات الخاطئة.

يمكن أن تؤدي التحيزات والمحسوبية ضمن طاقم الإدارة إلى تفكُّك الفريق، وتدنّي جودة القرارات، وهدر الوقت والموارد على مشاريع خاطئة.

الالتزام بالوعي الذاتي

ثمّة جانبان للوعي الذاتي الحقيقي: تكوين رؤية موضوعية عن النفس، وتصوُّر عن انطباع الآخرين عنك. يجب أن يعمل القائد على تنمية وعيه الداخلي والخارجي عن طريق الالتزام بالتعلم المستمر، وذلك عبر التفكر الذاتي، والحصول على التغذية الراجعة المنتظمة، والتقييمات الموضوعية.

تقول "جاكي فيرغسون" (Jackie Ferguson) نائبة المدير التنفيذي في شركة "ذا دايفرسيتي موفمينت" (The Diversity Movement): "التقييمات المستمرة ضرورية لتطور القائد، وخاصة عند تنمية مهارات الوعي الذاتي التي تساعد في اتخاذ القرارات المدروسة، وتعزيز ترابط أعضاء فريق العمل، والحد من تأثير التحيزات المترسِّخة في العقل الباطن".

إنَّ القائد الشُّمولي الذي يقدِّر قيمة الوعي الذاتي يستفيد من شبكة الدعم التي تتضمن الأصدقاء وأفراد العائلة، والزملاء، والمنتورز، والكوتشز في الحصول على التوجيهات، وفرص التنمية، والمساندة العاطفية.

ينجح المدير عالي الأداء في قيادة الفِرَق المتنوعة التي تضم مجموعة من الأفراد الذين يختلفون في وجهات نظرهم، وخلفياتهم، وتجاربهم الحياتية. يُعتبَر الوعي الذاتي من أبرز مهارات القائد الشمولي، وهو يسمح له بالاستفادة من ممارسات التنوع، والشمولية، والمساواة في تأمين بيئة مريحة وآمنة وداعمة للابتكار والإبداع.

تقول "بريدجيت تابور" (Bridgett Tabor) مديرة قسم المساواة، والتنوع، والشمولية في شركة "بايادا هوم هيلث كير" (BAYADA Home Health Care):

"لقد كان الوعي الذاتي مهارة مفيدة في تحسين تجربتي في مجال التنوع، والمساواة، والشمولية نظراً لدوره في تحسين قدرتي على اتخاذ القرارات وإثراء وجهات نظري. من السهل علي أن أتعامل مع المواقف بناءً على التحيزات التي كونتها خلال مسيرتي إلا أني أبذل قصارى جهدي لتجنب هذه النزعة، وأحاول دائماً أن أتناول المسألة من عدة وجهات نظر مختلفة وأفهم التأثيرات الممكنة على النشاط التجاري والمجموعات التي أتعامل معها".

يساعد التفكر الذاتي في إدراك الدوافع، والعواطف، والحوافز، والقِيَم الذاتية، كما تُستخدَم أدوات التقييم الموضوعية في تحديد نقاط القوة والضعف ومسارات التنمية. يجب أن يدرك القائد كيف يتجاوب الآخرون مع كلامه وأفعاله ويتوقع ردود الفعل والنتائج المحتملة.

يتيح الوعي الذاتي الداخلي والخارجي للقائد عالي الأداء إمكانية تأدية مهامه بمصداقية، وتعاطف، وقدرة على التكيف. يساعد هذا المجهود في نشر ثقافة تشجع الفِرَق على العمل بأقصى كفاءة والتعاون مع بعضهم مما يسهم في تعزيز التطور الشخصي ونمو المؤسسة.

تنمية الوعي الذاتي

تنمية الوعي الذاتي

في ما يلي 4 خطوات أساسية لتنمية الوعي الذاتي عند القائد:

1. قبول وجهات نظر الآخرين

يجب تنمية القدرة على التعاطف عبر البحث عن الأسباب التي تدفع الآخرين إلى تكوين وجهات نظر مختلفة عنك. عليك أن تتعاطف معهم وتتفهم تجاربهم الحياتية ودوافعهم الكامنة، كما يُنصَح بجمع المعلومات عن الثقافات الأخرى بغية تلبية متطلبات قطاع الأعمال التجارية الذي يشهد تغيرات وتطورات متسارعة على مستوى العالم.

2. توفير ظروف ملائمة لإجراء الحوار الصريح

يجب توفير بيئة تشجع على إجراء النقاشات الصريحة والمفتوحة، وتسمح لأعضاء الفريق بمشاركة همومهم ووجهات نظرهم بأريحية. يُنصَح من ناحية أخرى بأخذ التغذية الراجعة ووجهات النظر المختلفة بعين الاعتبار، وترسيخ ثقافة الشمولية والاحترام المتبادَل ضمن المؤسسة.

3. تفهُّم دوافع الآخرين واحتياجاتهم

تساعد مهارات الوعي الذاتي في إدراك احتياجات الآخرين، ورغباتهم، ودوافعهم، وهذا يتطلب من القائد الانتباه لمستوى اندماج الموظفين، وقلقهم، وثقتهم بأنفسهم، وغيرها من الإشارات التي لا تكون واضحة للوهلة الأولى. يساعد هذا الوعي في تخصيص أساليب التفاعل والدعم لتلبية الاحتياجات الفردية.

حاول أن تتريَّث قليلاً قبل أن تُصدر أي رد فعل أثناء تعاملك مع الآخرين لكي تقيِّم ردود الفعل الممكنة والنتائج المتوقعة منها. يساعدك هذا التريث في إدراك احتياجات الآخرين ومشاعرهم مما يؤدي إلى تحسين جودة عمليات التفاعل ونتائجها.

4. طلب التقييمات والتغذية الراجعة المنتظمة

لا يستطيع الفرد أن يستثمر كامل إمكاناته ما لم يبحث عن الأساليب الناجحة والأخرى الفاشلة، والتغييرات الممكنة. يستثمر الإنسان الواعي ذاتياً جميع الفرص المتاحة للتطوير والتحسين، كما أنَّه يتقبل كل من المديح والنقد البنَّاء. يستفيد القائد الشمولي من شبكة الدعم المحيطة به، وهي تضم أفراد العائلة، والأصدقاء، والمنتورز، والزملاء، والكوتشز، حيث تفيد انتقادات هذه الفئة في تقييم الأداء وإدراك انطباع الآخرين عن سلوكاته وأفعاله.

تقول "فيرغسون": "تُعتبَر الاستفادة من شبكة العلاقات في الحصول على وجهات نظر خارجية خطوة أساسية في مسيرة تطور القائد الشمولي".

في الختام

ينجح القائد في تحسين أدائه وأداء فريق العمل عندما يطور مهارات الوعي الذاتي ويدرك تأثيره على الآخرين، وهو ما يتيح له إمكانية التطور المستمر، وزيادة مستوى التعاون والإنتاجية في الشركة، وإبداء التعاطف والتفهم في علاقاته. بالتالي، يجب أن تأخذ بعين الاعتبار مختلف وجهات النظر، وتتفهَّم احتياجات الآخرين ودوافعهم، وترسّخ ثقافة التغذية الراجعة لكي تُصبح قائد شمولي فاعل وتوفر الظروف التي تحتاج إليها الشركة لضمان استمرارية النجاح.

آخر المقالات

كن على اطلاع بأحدث الأخبار

اشترك الآن لتحصل على أحدث المقالات والأبحاث والمنتجات التي تجعلك أقوى من أي وقت مضى