يؤثر تعدُّد المهام سلباً في أداء الموظفين، فيُخفِّض الإنتاجية والفاعلية ويرفع مستويات التوتر، ولِقادة الموارد البشرية دور كبير في تعزيز تركيز الموظفين على كلِّ مَهمَّة على حدة، فمثلاً تتحدَّث مقالة في مجلة روَّاد الأعمال "إي زاين" (e-zine) بعنوان "ما هي إدارة الإنتاجية ولماذا هي هامة" (What Is Productivity Management and Why Is It Important) عن أثر الإدارة الفعالة في الإنتاجية.
كشفَت الكاتبة "دينيز هازيم" (Denise Hazime) في مقالتها في مجلة "فوربس" (Forbes) عن مقاييس جديدة تستخدم البيانات الموجودة في تقييم فعالية العمل، وكفاءة الموظفين وأدائهم.
يبحث مقالنا نظراً لأنَّ الإنتاجية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بزيادة الاندماج وتحسين الأداءـ في موضوع القيادة والدور المحوري الذي تؤديه في تعزيز الإنتاجية والأداء في المؤسسات، فالقادة الفعَّالون يُلهِمون الأفراد ويُحفِّزوهم ويوجِّهوهم لتحقيق إمكاناتهم الكاملة، ويمهِّدون الطريق لإنشاء بيئة عمل إيجابية يشعر الموظفون فيها بالتقدير والتمكين ويتحفَّزون على التفوق، فحين يهتم القادة بالإنتاجية، يشجِّعون الموظفين على التميُّز في جميع أقسام المؤسسة.
لا يقتصر دور القادة على إدارة المهام فحسب؛ بل إنَّه يشمل الاهتمام بالمواهب والتشجيع على التعاون والابتكار، ومن خلال تقديم توجيهات واضحة ووضعُ توقعات عالية، يستطيع القادة إطلاق العنان لإمكانات الفِرق.
يناقش المقال أهمية القيادة الفعَّالة في زيادة الإنتاجية من خلال استكشاف الممارسات القيادية المختلفة التي يمكن أن تعزِّز الأداء وتؤدي إلى نجاح المنظمة، والتركيز على 3 ممارسات تعزز الإنتاجية في المؤسسة، وتُنشِئ بيئات عمل مزدهرة يحقِّق فيها الأفراد والمنظمات النجاح.
3 استراتيجيات تعزز إنتاجية الموظفين
1. تفويض المهام
تفويض المهام بفاعلية هام لتحقيق أقصى قدر من الإنتاجية؛ إذ على القادة تفويض المهام للموظفين وفق نقاط قوتهم ومهاراتهم الفردية وتقديم الدعم والتوجيه اللازمَين، ويعزِّز تشجيع أفراد الفريق على تولِّي المهام إحساسهم بالمسؤولية، ويتيح لهم النمو مهنياً، وعلى الرغم من التأثير الإيجابي للتفويض، إلَّا أنَّه ليس مهمَّة بسيطة، ويدرك القائد الناجح أهمية الاستمرار في تقديم الدعم والموارد عند تفويض المهام لأعضاء الفريق.
حين يضمن القادة حصول الموظفين على الأدوات، والتدريب والتوجيه اللازمين للنجاح في مناصبهم، يندفع الموظفون لتقديم أفضل أداء ممكن، وتجدر الإشارة إلى أنَّ تفويض المهام لا يخفِّف عبء العمل فحسب؛ بل يتيح أيضاً لأفراد الفريق عرض مهاراتهم ويعزز شعورهم بالمسؤولية.
2. القيادة بالقدوة
إنَّ القيادة بالقدوة بالغة الأهمية في تعزيز إنتاجية الفريق، فالقادة الذين لديهم أخلاقيات عمل قوية ويتَّسمون بالالتزام والتفاني هم قدوة لموظفيهم، فحين يكون مستوى إنتاجية القادة عالٍ، فإنَّهم يلهمون الآخرين ليحذوا حذوهم.
يفهم القادة الناجحون أيضاً أنَّ دورهم لا يقتصر على الإدارة والإشراف؛ بل هم قدوة لمرؤوسيهم وأقرانهم على حدٍّ سواء، ويُدرك القائد الناجح أهمية العمل بأداء عالٍ من أجل إلهام موظفيه على القيام بالمثل، ولكن يتطلَّب نجاح هذا النوع من أسلوب القيادة الالتزام التام، والتشجيع المستمر من قِبل المديرين.
3. التواصل
من الممارسات الهامة الأخرى هي تعزيز التواصل الصريح بين أفراد الفريق، ويتيح تشجيع الحوار المفتوح تبادل الأفكار، وحل المشكلات، والتعاون بين أفراد الفريق، وتنخفض إنتاجية الموظفين في ظلِّ الإدارة التفصيلية التي تحرمهم من إبداء رأيهم ببيئة المؤسسة وأعباء العمل، فيفقدون اندماجهم؛ لأنَّهم يشعرون أنَّ الهدف الوحيد من وجودهم هو أداء مهام متكررة، ولا يتسنَّى لهم التفكير في أي شيء آخر غير إنجاز عملهم في أسرع وقت ممكن.
يؤدي منح الموظفين القدرة على اتخاذ القرارات المتعلِّقة بالعمل على جميع مستويات المؤسسة إلى السماح لهم بالتحكم في بيئة عملهم، والمساهمة بفاعلية في تحقيق أهداف المنظمة، وذلك عبر تولِّي بعض المشروعات أو المهام المرتبطة بمجال عملهم؛ لذا يجب أن يوفِّر القادة قنوات مناسبة لتلقِّي التغذية الراجعة والاقتراحات من الموظفين، كي يبقوا على اطلاع بآرائهم.
من الهام تقييم ما إذا كانت هذه الاستراتيجيات الثلاثة تحقِّق النتيجة المرجوَّة؛ إذ يُعدُّ قياس تأثير القيادة في الإنتاجية هاماً لضمان فاعلية القادة ومساهمتهم في نجاح المنظمة، ويستطيع القادة استخدام مجموعة من المقاييس ومؤشرات الأداء الرئيسة (KPIs) أو الأهداف والنتائج الرئيسة (OKRs) لتقييم تأثيرهم.
قد تتضمَّن المقاييس تتبُّع معدلات إنجاز المشروعات، وتقييم معنويات الفريق ومستويات الاندماج، ومراقبة مدى تحقيق أهداف الأداء، ومهما كان النهج المتَّبَع، يجب على القادة استخدام مقاييس كمية ونوعية لتقييم مناهجهم القيادية وتعديلها، وإنشاء بيئة تحفِّز الموظفين على رفع الإنتاجية.
بالإضافة إلى ذلك، تقدِّم دراسات الحالة في المنظمات التي نجحت فيها الممارسات القيادية في تحسين الإنتاجية أفكاراً هامة، فهذه الأمثلة الواقعية هي نماذج عملية للقادة الذين يرغبون بتحسين أساليبهم القيادية، ومن خلال إبراز النتائج التي حقَّقتها المنظمات الأخرى، توضِّح دراسات الحالة دور القيادة الفعَّالة في زيادة كفاءة الفريق وتعزيز الابتكار والإنتاجية.
في الختام
تؤثِّر أساليب القادة وممارساتهم وسلوكاتهم تأثيراً مباشراً في الإنتاجية؛ إذ يتعيَّن على القادة وضع أهداف واضحة، وتمكين فرقهم، وإرساء ثقافة تنظيمية قائمة على الثقة، والتواصل الصريح، والاندماج، كما أنَّ قياس التأثير عبر استخدام المقاييس المناسبة والاطلاع على دراسات الحالة الناجحة يرشد القادة خلال سعيهم لتعزيز الإنتاجية.
القيادة والإنتاجية مرتبطان ببعضهما، والقادة لديهم القدرة على إحداث فرق في إنتاجية الموظفين؛ لذا على القادة تطبيق الممارسات المذكورة في المقال لتحقيق أقصى قدر من التأثير في إنتاجية الفريق، وبالتالي المساهمة في نجاح مؤسساتهم.